للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فرع:

٣٥٦ - إذا صب في ماء بالغٍ قلتين رطل بول، ولم يغيره، فالماء طهور، ويجوز استعمال كله، إلا رطلاً، وهو مقدار البول. ثم في ذلك الرطل وجهان: أصحهما - جواز الاستعمال؛ فإن البول صار مستهلكاً ساقط الحكم.

والثاني - لا يجوز استعماله؛ فإنه لو استعمل، لكان استعمل البول يقيناً. وليس بشيء؛ فإنه إذا لم يبق إلا مقدار رطل، فنحن على اضطرارٍ نعلم أنّا استعملنا معظم البول فيما استعملنا قبل، وليس في هذا الباقي إلا مقدار يسير من البول، إن كان.

ولو كان معه ماء ينقص عن قلتين برطل مثلاً، فكمّله برطلٍ من بول، فالماء نجس؛ فإنه لم يبلغ الماءُ قلتين، وفيه نجاسة، ولو كمله برطلٍ من ما ورد، ثم وقعت فيه نقطة بول، فينجس الكل؛ فإن الماء قليل، وقد وقعت فيه نجاسة.

فرع:

٣٥٧ - إذا وقف ماءٌ بالغٌ حدّ الكثرة على مستوٍ من الأرض، وانبسط عليها على عمق شبر أو فِتْرٍ (١) مثلاً، فليس للماء في مثل هذا المقر ترادٌّ وتدافع، ولا يتقوَّى البعض بالبعض، كما يتقوّى إذا كان للماء عمقٌ مناسبٌ للطول والعرض. فذا وقفت (٢) نجاسة على طرفٍ من مثل الماء الذي وصفناه -والتفريع على القديم، وهو أنه لا يجب التباعد عن موضع النجاسة- فهل يجب التباعد في هذه الصورة؟ فعلى وجهين، ذكرهما المحاملي في (الوجهين والقولين): أحدهما - لا يجبُ؛ طرداً للقياس.

والثاني - يجب؛ فإن أجزاء الماء، وإن كانت متواصلة، فهى ضعيفة، فإذا قرب المغترف من محل النجاسة، كان كالاغتراف من ماء قليل.

وهذا الذي ذكره يقتضي مساقه أن يقال: لو كان الماء ناقصاً عن القلتين بمقدارٍ يسيرٍ، وهو منبسطٌ، كما سبق، فلو وقع في طرف منه نجاسة، وجب ألا ينجس الطرف الأقصى على الفور؛ لأن النجاسة لا تَنْبثُّ بسرعةٍ مع انبساط الماء، وضعف ترادّه. وهذا لم يصر إليه أحد من الأئمة.


(١) الفتر: ما بين الإِبهام، وطرف السبابة، بالتفريج المعتاد بينهما. (مصباح).
(٢) في (ل): "وقعت".