للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

النصف من أذن إنسان، وأجرينا القصاص فيه، فالتحم أذنُ المجني عليه، فقد قال القفال: لو قطعت هذه الأذن، وجب القصاص على قاطعها، وقد أجرينا القصاص في نصفها.

وهذا الفصل ليس بالهيّن، وهو يشتمل على مراتبَ منها: عود البصر بعد ظن الزوال، ومنها التحام الموضحة، ومنها نبات اللسان، ومنها عود [السِّن المثغورة] (١)، ولكل مرتبة من هذه المراتب وضعٌ في الوفاق، والخلاف. وسيأتي شرحنا عليها، إن شاء الله.

ومما ذكره الأصحاب في ذلك أن من استأصل أذن إنسان إلا جلدةً منها، قالوا: القصاص يجري في المقطوع، ومالوا إلى القطع بإجراء القصاص في هذه الصورة، بخلاف ما لو انتهت الحديدة إلى نصف الأذن مثلاً، وأبقت من أصل العضو شيئاًً سوى الجلدة، وسبب قطع الأصحاب أن رعاية المماثلة ممكنة لا عسر فيها، إذا لم يبق إلا جلدة، ولا شك أنا نبقي في القصاص مثلَ تلك الجلدة.

فلو ألصق المجني عليه الأذن، فالتصقت، فليست مستحَقةً للجاني، فإنها لم يثبت لها حكم الانفصال، ثم الكلام في قطعها ثانياً ووجوب القصاص على قاطعها، كالكلام فيه إذا جرى القطع في نصف الأذن ثم التحم، والقول في هذا يتعلق بالمقصود الأخير الذي أشرنا إلى انقسام مراتب الكلام فيه.

فصل

١٠٥٠٨ - إذا قطع رجل أذناً مثقوبةً، قال العراقيون: إن كان الثقب يَزينُ ولا يَشين، فلا مبالاة به، ويُقطع بها الأذن التي لا ثقب بها.

ولو كان أذن القاطع مخروماً (٢)، قد أزيلت منها قطعة، وبقي الخرم، وقد قطع


(١) في الأصل: السن المنقور. والسن المثغورة: من قولهم: ثُغر الصبي إذا سقطت ثنيتاه، والمراد هنا بالسن المثغورة السنّ الدائمة، ومن طبيعتها إذا سقطت لا تعود.
(٢) مخروماً: المراد هنا مشقوقاً، كما سيتضح ذلك من السياق، وليس معنى الخرم هو الئقب كما قد يتبادر إلى الذهن، حقاً من معاني الفعل (خَرَم) الثقب، لكن من معانيه أيضاً، الشق والقطع، والمراد هنا الشق (ر. المعجم).