للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

براءة ذمته، ولما ذكرنا [من] (١) أن الأصل عدمُ تفويته للسلامة. والقول الثاني - أن القول قولُ المجني عليه، لأن الجاني واقف موقف المدعين في ذكر طريان الشلل بعد تسليم السلامة.

هذا إذا كان النزاع في الأعضاء الظاهرة.

١٠٥١٢ - فأما إذا كان في الأعضاء الباطنة، فقد ذهب طوائف من أصحابنا إلى طرد القولين، سواء سلّم الجاني السلامة الأصلية، وادعى الخلل الطارىء، أو أنكر أصل السلامة، [ففي] (٢) قولٍ: القول قول الجاني لما سبق تقريره في القسم الأول، وفي قولٍ: القول قول المجني عليه، وتوجيه هذا القول مبني على أصلٍ يتعلق بالمصلحة، ويميل عن اعتبار استصحاب الأصول، وذلك أنا نقول: إقامةُ الشهادة على صفات الأعضاء الظاهرة ممكنة، لا عسر فيها؛ فإن الأعضاء التي تظهر من الإنسان يطلع عليها الناس غالباًً، وإذا استُشهدوا فيها شهدوا، ولئن لم نصدِّق المجني عليه، فسببه تمكنه من إثبات مراده لو كان صادقاً، وهذا عسر في الأعضاء الباطنة، فإذا انسدّ مسلك الإشهاد، لم يبعد الرجوع إلى قول المجني عليه مع يمينه (٣).

وهذا يقرب من تصديقنا المودَع في رد الوديعة وتلفها؛ فإن مصلحة الائتمان تقتضي هذا، كما ذكرناه في أحكام الأمانات والودائع.

وجمع صاحب التقريب الأعضاءَ الظاهرةَ والباطنةَ، وأرسل الخلاف عليها، وحصل من مجموعها أربعة أقوال: أحدها - أن القول قول الجاني من غير فصل. والقول الثاني - أن القول قول المجني عليه من غير فصل. والقول الثالث- أنه يفصّل بين الأعضاء الظاهر والباطنة، فقال: القول قول الجاني [في] (٤) الأعضاء الظاهرة،


(١) زيادة من المحقق.
(٢) في الأصل: "في".
(٣) المعنى: أننا في الأعضاء الظاهرة إذا لم نصدق المجني عليه وجعلنا القول قول الجاني، فيستطيع المجني عليه -لو كان صادقاً- أن يثبت مراده بالإشهاد، أما في الأعضاء الباطنة، فقد انسدّ مسلك الاشهاد، فكان القول قوله.
(٤) في الأصل: "من".