للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والقول قول المجني عليه في الأعضاء الباطنة. والقول الرابع - أنه يفصل بين أن يسلّم الجاني أصل السلامة ويدّعي الخلل بعدها، وبين ألا يسلم أصل السلامة.

هذا بيان ما قيل، ووراء ذلك بحثٌ واستدراك.

١٠٥١٣ - فأما البحث، فقد أطلق أصحابنا ذِكْر الأعضاء الظاهرة والباطنة، ولم يفصلوا، فتلقيت من مرامز كلام الأصحاب وجهين: أحدهما - أن الباطن ما هو عورة يجب ستره عن الأعين. والوجه الثاني - أن الباطن ما يعتاد ستره إقامة للمروءة، وهذا أليق بفقه الفصل من التعويل في الكلام على الظاهر والباطن، وما ذكرناه من [يسر] (١) إقامة الشهادة لظهور العضو، فما لا يُظهره الإنسان غالباً لا يتعذر إقامة البينة فيه على [يسر] (٢)، والدليل عليه أن الحاجة لو مست إلى استشهادٍ، جاز الاطلاع على العورات بسببها.

هذا هو البحث.

فأما الاستدراك، فقد أطلق بعض أصحابنا الخلاف في أصل العضو، وقالوا: إذا قال الجاني: ما خُلقت لك اليد، فقال المجني عليه: خُلقت وقطعتها.

أو سلّم الجاني أصل الخلقة، وادعى سقوطها قبل الدعوى عليه، وهذا فيه استدراك؛ فإنه إذا أنكر [الجاني] (٣) أصلَ العضو خلقة، أو زعم أنه كان، فبان بسبب [آخر، فهو مُنكِر] (٤) لأصل الجناية؛ ومن ادعيت عليه جناية، فأنكرها، فالقول قوله في إنكارها. نعم، لو فرض قطع الكف، ورُدّ النزاع إلى وجود الأصابع، فلا يندرج هذا تحت الأقوال والتفاصيل.

وليس هذا الذي ذكرته إلا تحقيقاً لمراد الأصحاب، فإني لا أشك أن ما ذكره


(١) في الأصل: "سبر".
(٢) في الأصل: "سبر".
(٣) في الأصل: "الآن".
(٤) زيادة اقتضاها السياق. على ضوء ما نقله الرافعي عن الإمام، حيث قال: "وإذا اختلفا في أصل العضو، فعن بعضهم إطلاق الخلاف في أن المصدق أيهما؟
واستدرك الإمام، فقال: من أنكر أصل العضو أنكر الجناية، فيُقطع بتصديقه" (ر. الشرح الكبير: ١٠/ ٢٥١).