للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

في المذهب أن يستدلّ بموضع الوفاق على فساد الوجوه الضعيفة، ولا يعترض بالوجوه الضعيفة على محالّ الوفاق، وكيف وذلك أظهر والإجماعُ فيه عملاً أشهر؟، ولا يأمن أن يَطْرد صاحبُ ذلك الوجه مذهبه الفاسد فيما ذكرناه. ولا عود إلى هذا بعد التنبيه عليه.

وقال الأئمة: إذا قصد الرجل قَطْع يد الرجل ظلماً، وقلنا: لا يجوز له أن يستسلم [فإذا استَسْلم] (١)، ولم [يدفع] (٢)، [فهل] (٣) يكون سكوته بمثابة الإباحة؟ فعلى وجهين مأخوذين من تردد الأصحاب في أن الزانية لا تستحق المهر، ولم يوجد منها إلا التمكين المجرد. فمن الأصحاب من قال: سبب سقوط المهر سقوط الحرمة، [والبُضع] (٤) لا يتقوّم إلا إذا كان محترماً من جهة الموطوءة، ومهر البغي يُحطّ بنص قول الرسول صلى الله عليه وسلم.

ومن أصحابنا من قال: سبب سقوط المهر أن التمكين رضاً منها في حكم العرف منزلٌ منزلة الإباحة، على هذا الخلاف خرّج الأصحاب وجهين في الجارية المغصوبة إذا طاوعت الغاصب حتى زنا بها، فمن أسقط مهر البغي لعلّة سقوط [الحرمة] (٥)، لم يثبت المهر لمالك الجارية، ومن علل سقوط المهر بنزول التمكين منزلة الرضا، قال: يجب مهر المغصوبة [فإنها] (٦) لا تملك إسقاط حق المولى.

فقال الأئمة: إذا وجد التمكين من قطع الأطراف -والتمسك بمذهب الاستسلام-[فالتمكين] (٧) هل يكون كالرضا؟ فيه خلاف، والمسألة محتملة؛ فإن التمكين من الزنا لا محمل له إلا الرضا في عادة الخلق، والسكوت على الجناية لا يتجرد هذا التجرد.


(١) زيادة لا يستقيم الكلام إلا بها.
(٢) في الأصل: "يرفع".
(٣) في الأصل: "وهل".
(٤) في الأصل: "والوطء".
(٥) في الأصل: "الحرية".
(٦) في الأصل: "بأنها".
(٧) في الأصل: "بالتمكين".