للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وهذا في السكوت المحض، فأما إذا قال المتقدم إليه: أبح لي يمينَك وأَخْرجها أقطعْها، فوافقه، وأخرج، فهذا إباحةٌ ولا محمل له غيرُ الإباحة.

فإذا تمهد هذا، عدنا إلى مسألتنا، وقلنا: الإخراج فعلٌ، [ومثله] (١) يُعدّ إباحة، فإذا كان يتصور [اتضاح الغرض] (٢) فيه، فهو كقولٍ ليس بصريح في مقصود، بل هو كنايةٌ فيه، فإذا انضم القصد إليه، نزل منزلة [كناية] (٣) تقترن النية بها. فهذا منتهى الكلام.

١٠٥٢٣ - ولو قال القاطع: دَهِشت، ولم أدر، والمخرج زعم أنه مُبيح، فلا ضمان على القاطع أصلاً؛ فإن التعويل في [إحباط] (٤) اليسار على إباحة مخرجها.

١٠٥٢٤ - ولو قال القاطع: ظننت أن اليسار [مجزئةٌ] (٥) عن اليمين، فاكتفيت بها على هذا القصد، فهل يسقط حقُّ القصاص عن يمين المخرج؟ فعلى وجهين: أحدهما - يسقط القصاص، وهو اختيار الشيخ أبي حامد، وقد ارتضاه القاضي وقطع به، ووجهه أنه بقصده دل على إسقاطه القصاص في اليمين، فإذا كنا نجعل إخراج المخرج بمعنى قصد [الإباحة] (٦)، فقَطْع القاطع مع إسقاط القصاص عن محله يجب أن يكون نازلاً منزلة التصريح بالقصد.

والوجه الثاني - أن القصاص لا يسقط؛ فإنه لم يُسقطه، ولم يقتص منه اعتياضاً صحيحاً، وليس كالإباحة؛ فإنها لا تستدعي عقداً، أو معاملةً ذاتَ أركان وشرائطَ، وذكر أئمتنا أن من عليه قصاصٌ إذا جاء بالدية إلى مستحق القصاص متضرّعاً، طالباً منه أن يأخذ الدية ويقنَع بها، فلو أخذها، ولم ينطق بالعفو، ثم عاد إلى طلب القصاص، فهل له ذلك؟ فعلى وجهين، وما ذكرناه في صورة قطع اليسار على أنه


(١) في الأصل: "فسبيله".
(٢) في الأصل: "انفساخ الفرض".
(٣) في الأصل: "كأنه".
(٤) في الأصل: "احتياط".
(٥) في الأصل: "محرّمة".
(٦) في الأصل: "إبانة".