للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[مرتّبان] (١) على بعض ما تقدم، وهو إذا ظن المقتولَ حربيَّاً دخل دار الإسلام [غلبةً] (٢)، وتوصل إلى دخولها غلبةً، ووجه الترتيب أنه اشتد ظنه فيمن ظنه حربياً إلى جهةٍ يجوز القتل فيها أو يجب، بخلاف ما لو حسبه مستمراً على الذمة؛ فإن قتل الذمي محظور، والإحقان بالذمم محذور، فكأنه اعترف بالهجوم على محظور، وظنَّ مسقطاً.

ومن هذا القبيل ما لو كان رأى عبداً أو ظفر به يوماً فقتله، [وبنى] (٣) النجاة من القتل على أن الحر لا يقتل بالعبد، فلو تبين له أنه أعتق، وجرى قتلُه بعد الحريّة، فهو كمسألة الذمي.

ثم تردد أئمتنا في الكلام في هذا [الضرب] (٤) الذي نحن فيه وفي مسألة أخرى، وهو إذا لقي مرتداً كان حسبه مصرّاً على ردته، فقتله، ثم بان أنه تاب عن الردة، ففي وجوب القصاص القولان المشهوران، فمن أصحابنا من جعل مسألة المرتد أولى بسقوط القصاص؛ من قِبل أنه ظنه هدراً، ونَهْيُ آحاد الناس عن قتله أدبٌ وسياسة، وليس كالذمي؛ فإن قتله محظور ديناً، وهو معصوم مضمون.

ومن أصحابنا [من جعل] (٥) مسألة الذمي والعبد أولى بسقوط القصاص من مسألة المرتد، والسبب فيه أن ظن بقاء الذمة والرق أوجه من ظن بقاء الردة، وترك المرتد ينقلب بين ظهرانَي المسلمين.

وهذه المسائل في أصولها وتفرعها وتركبها وترتبها ينبغي أن تؤخذ من قوة الظنون وضعفها، فهذه جملةٌ حوت فنوناً من الظنون واشتملت على أحكام مراتبها، وسنعود إلى بعض قضاياها عند الكلام فيما يُضرب على العاقلة وما لا يضرب عليهم، إن شاء الله تعالى.


(١) في الأصل: "قريبان".
(٢) في الأصل: "عليه".
(٣) في الأصل: "وبين".
(٤) في الأصل: "القرب".
(٥) زيادة اقتضاها السياق.