للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فصل

يجمع مقاصد في اختلاف الجاني والمجني عليه وورثته

١٠٥٤٣ - إذا قطع رجل يدي رجل ورجليه، فلو اندملت الجراحات، وجبت ديتان، ولو سرت إلى الروح، صارت الجراحُ نفساً (١)، فلو مات المجني عليه، فقال الجاني: مات بجراحي، وعادت الأروش ديةً واحدة، وقال ورثة المجني عليه: بل مات حتف أنفه، وقد اندملت تلك الجراحات أولاً (٢)، نظر: فإن طال الزمان وكان يظهر الاندمال في مثله، ولا يظهر نقيض ذلك، فالقول قول الورثة مع أَيْمانهم، والمعتمدُ فيه أن الجاني اعترف بثبوت ما يوجب الديتين، وهو قطع اليدين والرجلين، ثم ادّعى وراء ذلك [تصيير] (٣) الجراح نفساً، فكان في حكم من يعترف بلزوم الدَّيْن المدّعى عليه ويدعي سقوطَه بإبراءٍ أو غيره، نص الشافعي على ذلك، وأطبق الأصحاب على موافقته.

هذا إذا تمادى الزمان.

وفي تصوير ذلك سر، وهو أنا لانشترط أن يظهر كذب الجاني بسبب طول الزمان، مثل إن كان بقي عشرين سنة، بل نكتفي بألا يظهر ضدُّ ما يدعيه الورثة، بحيث يتقابل القولان في الإمكان، وإذا كان كذلك، بقى ما ذكرناه من ثبوت موجب الديتين مستمسكاً للورثة.

ولو قصر الزمان وبعُد الاندمال فيه، على خلاف ما يدّعيه الوارث، فإن بلغ الظهور منه اليقين، فلا حاجة إلى تحليفٍ ويمين مع شهادة الشاهد، [فإن جرى ما ذكر


(١) أي تجب دية واحدة.
(٢) تصوير النزاع هنا في حالة الخطأ، ومن هنا يحاول الجاني إثبات السراية ليصير الواجب ديةً واحدة هي دية النفس، ويحاول الوارث نفي السراية لتتعدد الدية بتعدد الأطراف، أما في العمد، فلو ثبتث السراية، لوجب القصاص في النفس، ولذا سنرى في حالة العمد أن الجاني يحاول نفي السراية عكس حالة الخطأ.
(٣) في الأصل: "تحصين". والمثبت تصرف من المحقق.