للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أوجبوا في القدمين إذا قطعت أصابعهما ما أوجبوه في الكفين، ولا يخفى أن المشي يبقى ما بقي القدمان، ولا يسقط بسقوط أصابع الرجلين إلا الإسراع في المشي، وأين يقع هذا من الاحتواء والقبض والبسط وتعاطي آلات العمل المتعلقة بأصابع اليدين؟ ولكن هذا يخرّج على اتّباع الأصول [الكلية] (١)، وترك التفريع على ضبط [الأقدار] (٢).

ولهذا الأصل أوجبوا في الأذنين على الرأي الظاهر ما أوجبوه في العينين، وإن كانت منافع الأذنين لا تقع موقعاً إذا نسبت إلى منافع العينين واليدين، ولكن لما عسر ضبط أقدار المنافع حَسم الشرعُ النظرَ إليها، وأجرى الأجناس من الأعضاء مجرىً واحداً في تكميل [الدية] (٣).

هذا ما أردنا بيانه في أصول الحكومة.

١٠٦٧٥ - ثم قال الشافعي: "وفي الترقوة جَمَلٌ، وفي الضِّلَع جَمَلٌ ... إلى آخر الفصل" (٤).

ذكر الشافعي رضي الله عنه في موضعٍ أن الترقوة فيها جمل، وفي الضِّلع (٥) جمل، وقال: قلّدتُ فيه عمرَ بن الخطاب رضي الله عنه، فإنه أوجب في كل واحد منهما جملاً، وقال في موضع آخر: فيهما حكومتان على أصول الحكومة، وجعل المزني في المسألتين قولين، وأخذ يوجّه الحكومة، واختلف أصحابنا: فمنهم من وافق المزني، وجعل المسألة على قولين: أقيسهما - إيجاب الحكومة. والثاني - إيجاب المقدار تأسياً بقضاء عمر رضي الله عنه.

ومن أصحابنا من قطع بالحكومة، وجعل قضاء عمر حكومةً وافقت جَملاً، وحمل نصَّ الشافعي على هذا المحمل، وهذا هو المسلك المرضي الذي لا يسوّغ غيره.


(١) في الأصل: "والكلية".
(٢) في الأصل: "الاقرار".
(٣) مكان بياض بالأصل.
(٤) ر. المختصر: ٥/ ١٣٤.
(٥) الضلع: بكسر الضاد أما اللام فهي مفتوحة في لغة الحجازين، وتميم تسكنها (المصباح).