للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فمما] (١) نورده أنه لو أذهب ماءه ومنيّه، التزم الدية، ولو أذهب شهوته للوقاع، فقد قال الأئمة: يجب في [انبتات] (٢) الشهوة الديةُ، فهذا يدل على أن إذهاب الشهوة مع بقاءالماء يوجب الدية.

وهذا لا يتصوّر؛ فإن المني إذا كان باقياً، فيبعد إذهاب الشهوة، وإن بعد أن [نتبين] (٣) أن الجناية هي التي أثرت في إذهاب الشهوة، حتى يناط به الدية، ويجب أن يقال: إذا ذهب بالجناية شهوتُه للطعام، تجب الدية، بل هذا أولى إن صح [تصوّرُه] (٤) والوصولُ إلى درك [إبطاله] (٥) بالجناية، والله أعلم.

ولو ضرب لِحْييه، [فأذهب] (٦) منفعة المضغ، وجبت الدية، وإن بقيت اللحيان والأسنان، وهذا واضح. وهو بمثابة ما لو جنى على اليد، فأشلها.

ولو كسر رقبته، فكان لا ينساغ الطعام والشراب، فتجب الدية حكماً لها (٧).

ولو جنى [عليه] (٨)، فأذهب صوته، فالدية التامة وإن بقيت مخارج الحروف، وعندي أني ذكرت هذا في مسائل الكلام، وهذا واضح. ولو قيل: تعطل الكلامُ بإذهاب الصوت، فهل تزيدون على دية واحدة؟ قلنا الغرض الأظهر من الصوت الكلامُ، فكأن الدية إنما وجبت لأجله، والكلامُ معنيٌّ في وجوه: منها أن اللسان إذا قطع، فالدية تكمل بسبب الكلام، ولو عطلت الحروف بسببٍ آخر سوى قطع


(١) في الأصل: "فيما".
(٢) في الأصل: "إثبات".
(٣) مكان بياض بالأصل.
(٤) في الأصل: "تصويره".
(٥) في الأصل: "إيصاله".
(٦) في الأصل: "وأذهب".
(٧) صورة هذا: أن يضربه على عنقه، فإن ارتتق المنفذ، وامتغ البلع، فهو إلى الموت، ولذا تجب فيه الدية، حتى لو عاش يوماً أو يومين وجاء جانٍ فحز رقبته، لزم الأول الديةُ، هكذا وضحه الغزالي في (البسيط: ٥/ورقة ٦٤ يمين). وحكاه النووي عن الإمام والغزالي في (الروضة: ٩/ ٣٠٢، ٣٠٣). أما إذا كان الطعام منساغاً ولو بصعوبة، ففيها حكومة، وإن مات من أثرها نكمل الدية (ر. الشرح الكبير: ١٠/ ٤٠٤، ٤٠٥، والروضة: ٩/ ٣٠٢).
(٨) سقطت من الأصل.