للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صُلبَه، فأزال منيّه، ففي المسألة وجهان، وهذا الخلاف بنَوْه على اعتقادهم أن مقرّ الماء الصلب أخذاً من قوله تعالى: {بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِب} [الطارق: ٧] ولست أرى الأمر على التردد في أن الدية تعدد، فإن المنيّ لو كان من [منافع] (١) الظهر، لما وجب على من كسر صلب إنسان [لا منيّ] (٢) له الدية، كما لو قطع يداً شلاء، أو فقأ عيناً عمياء، ولا خلاف في وجوب الدية.

١٠٦٨٥ - ومما ردد الشافعي رضي الله عنه قوله فيه زوالُ العقل، فقال: إذا قطع يدي رجل أو رجليه أو ما يفرض من الأعضاء، فزال العقلُ، [فهل] (٣) نُدرج حتى لا نوجب إلا ديةً واحدة؟ فعلى قولين: أحدهما - أنا لا ندرج، وهو الذي لا ينساغ في مسلك المعنى غيرُه؛ فإنا نقطع بأن العقل ليس من منافع اليدين، [وهما] (٤) من الأعضاء الظاهرة.

والقول الثاني - أنه لا يجب إلا دية واحدة؛ فإن العقل لا يُدرَى محلُّه على التعيين، فمهما (٥) زال بسبب الجناية على عضو، وجب سلوك طريق الإدراج فيه، ثم إن قطع يديه، فزال العقل، فدية واحدة، وإن قطع إحدى اليدين، فزال العقل، وجبت دية واحدة، فندرج الأقل وهو أرش يدٍ تحت الأكثر وهو الدية الكاملة.

وهذا القول ضعيف؛ فإن محل العقل بين [القلب] (٦) والدماغ لا يعدوهما، فكيف يفرض الإدراج في الأعضاء الظاهرة، ولكن القولان مشهوران، كما ذكرنا.

فهذه جمل ترشد إلى المقاصد في هذا الفن، والله أعلم.

١٠٦٨٦ - ويخرج منها أن كل منفعة لو زالت، لصار العضو عضو حكومة، فهي تستتبع العضو لا محالة، وكل منفعة تحققنا أنها في محلٍّ سوى العضو المجني عليه


(١) في الأصل: "منافعها".
(٢) في الأصل: "الابنى".
(٣) في الأصل: "فهذا".
(٤) في الأصل: "وقدرهما من الأعضاء الظاهرة".
(٥) فمهما: بمعنى: (فإذا).
(٦) في الأصل: "العقل".