للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلو قتل قاتلٌ [واحداً] (١) منهم قَبْل الدعوة، فقد قُتل سعيداً (٢) في ظاهر الحال، فإنه كان متعلقاًً بدين الحق، ولم يبلغه دعوةٌ أخرى، حتى يُتبين إنكارٌ منه أو قبول. قال القفال: إذا كان القاتل مسلماً، توجه القصاص، فإن المقتول ليس بكافر.

وذهب غيره إلى أن القصاص لا يجب؛ لأنه وإن لم يكن موصوفاً بالكفر، فليس موصوفاً بالإسلام قبل التزامه، فإن أوجبنا القَوَد، فلا شك أنا نكمل الدية، وإن لم نوجب القود، ففي الدية وجهان: أحدهما - نوجب الدية الكاملة. والثاني - أنا نوجب دية أهل الدين الذي هو عليه، فإن كان على دين موسى، فثلث دية المسلم.

وإن لم يكن متعلقاًً بشريعةٍ، ولكن ما كانت الدعوة بلغته من ملة من الملل، فالوجه القطع بنفي القصاص.

ونقل المعتمدون عن القفال إيجابَ القصاص على المسلم بقتله، وفيه بُعد في هذا المقام. فأما الدية، فقد حكى الأصحاب نصين عن الشافعي: أحدهما - أنه تجب الدية الكاملة. والثاني - يجب أقل الديات، وهو دية المجوسي، فمن أصحابنا من أجرى القولين على ظاهر اختلاف النصين، وتوجيههما: أنا في قولٍ نقول: سعيدٌ [معذور] (٣)، وفي قولٍ نقول: لا تعلق له بدين أصلاً.

ومن أصحابنا من قال: ننزل النصين على حالين، فحيث أكمل الدية أراد إذا كان متعلقاًً بدين حق، لم يُغَيَّر، وحيث نوجب أقل الديات أراد إذا لم يكن متعلقاًً بدين أصلاً.

١٠٦٨٩ - ونحن نوضح بعد ذلك قسماً آخر وبه تمام البيان، فنقول: إذا صادفنا هؤلاء متعلقين بدين موسى مثلاً، وكان الدين [مغيّراً] (٤)، فإذا لم تبلغهم دعوةُ نبينا عليه السلام، فالوجه أن نُبلغهم الدعوة، [فإن] (٥) [قتل المسلمُ] (٦) واحداً منهم قبل


(١) سقطت من الأصل.
(٢) عبارة الغزالي في البسيط: "فإن لم تبلغه الدعوة، فهو سعيدٌ معذور".
(٣) في الأصل: "مغرور".
(٤) في الأصل: "معتبراً".
(٥) زيادة اقتضاها السياق.
(٦) في الأصل: "قبل السلم".