للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلقاء نفسه؛ فجرى الجواب كما تقدم، وفي هذه المسألة سقط ولم يُسقط نفسَه قصداً، ولسنا ننكر أنه بتخطيه ووضعه للرِّجل على الهواء سَقَط، ولكنه لم يقصد ذلك، فأضيف ما جرى إلى من ألجأه.

وليس ذلك بدعاً؛ وقد وضح أن من تردى في بئر محفورة في مخل عدوان فالسبب مضاف إلى حافر البئر، وإن كان المتردي هو الذي تخطى في جهة البئر حتى تردّى، فنجعل اتباع الطالب في الصورة التي ذكرناها بمثابة احتفار البئر، وهذا يؤكد كون [التغرير] (١) سبباً في إيجاب الضمان، وقد أجرينا ذلك في مسألة [تقديم] (٢) الغاصب الطعامَ إلى إنسان في (الأساليب) وغيرها من المصنفات في الخلاف.

١٠٦٩٦ - ومما ذكره الأئمة أنه لو طلبه بسيفه، فعدا على الأرض، فتردّى في بئر، فإن كان في ليلةٍ ظلماء، فهو كما ذكرناه في السقوط من السطح، وإن كان ذلك نهاراً، فإن ردّى نفسه في البئر، فقد مضى هذا، وهو بمثابة ما لو ردّى نفسه من شاهق، وإن لم يُردِّ نفسه، ولكنه لم يتأمل البئر بين يديه، فتردّى والبئر مفتوحة، فالذي ذكره الأئمة أن الضمان لا يتعلق بالطالب وفعله، وقد ذكرنا ذلك في التردّي من السقف نهاراً.

ويعترض في هذا إشكال، وهو أن الفقهاء أطلقوا أن من تردّى في بئر محفور في محل عدوان، تعلّق الضمان بعاقلة [الحافر] (٣)، ولم يفصلوا بين أن يتفق ذلك نهاراً أو ليلاً، وهذا يقتضي أن يقال: إذا كان المطلوب محمولاً مُلْجأً على العَدْو، فهو لا يتفرغ والحالة هذه إلى تأمل المخطَى الذي [يعدو فيه] (٤)، فكان يجب أن يضاف تردّيه إلى طلب الطالب إياه بالسيف، وليس [إلى] (٥) الضمان بحفر البئر من غير فرق


(١) في الأصل: "التقرير".
(٢) في الأصل: "تغريم".
(٣) في الأصل: "الحر".
(٤) في الأصل: "بعد ما فيه".
(٥) في الأصل: "على".