للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عمر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وشاورَ. فقال عبد الرحمن: إنك مؤدِّب ولا شيء عليك، فقال علي: إن لم يجتهد، فقد غشك وإن اجتهد، فقد أخطأ، أرى عليك الغرة" (١) وغرض هذا الفصل مما ذكرناه أن هذا مما يعد من الأسباب المؤدية إلى الهلاك.

ولو توعد رجلاً، وكان المتوعِّد مهيباً، فإذا وقع الوعيد من المتوعَّد موقعاً، وأفضى إلى هلاكه، فالضمان يتعلق به؛ فإن وقوع الهلاك من هذا السبب ليس بدْعاً، والذي يوضح ذلك ويحققه أن من أكره إنساناً على قتلٍ، فأحكام الإكراه تثبت بوعيد يصدر من المكرِه [قد يفي به] (٢) وقد لا يفي، ولكن إذا غلب على الظن وفاؤه به، كان بإكراهه قاتلاً (٣)، وفي المكرِه التفصيلُ المشهور.

ثم هذه الأسباب التي ذكرناها، وقضينا بكونها مضمّنة، فهي تقع شبه عمد على ما سنعيد في باب من العواقل مراتب الأفعال في وقوعها عمداً وخطأ وشبهَ عمد، ونوضح حكمَ كلِّ مرتبة، إن شاء الله عز وجل.

فصل

١٠٦٩٩ - [إذا أخذ صبياً حُرّاً] (٤) وتركه في مَسْبَعة ولم يقدمه إلى سَبُع ضارٍ، وتركه في مضيعة، فافترسه سبع: فإن كان الصبي بحيث يتأتى منه المشي والانتقال عن المَهْلكة، فاتفق هلاكُه في تلك البقعة، فلا ضمان على حامله، فإنه لم يُهلكه، ولم


(١) أثر عمر رضي الله عنه رواه عبد الرزاق في مصنفه ٩/ ٤٥٨ ح ١٨٠١٠، والبيهقي في سننه الكبرى تعليقاً (٨/ ١٠٧) وبلاغاً عن الشافعى (٨/ ٣٢٢) وانظر: البدر المنير: ٨/ ٤٩٣، التلخيص: ٤/ ٦٩ ح ١٩٦٨.
(٢) في الأصل: "فلو يفي به".
(٣) يدلل الإمام بذلك على أن الموت إذا وقع على أثر تهديد كان محالاً عليه، ويلزم المهدًد الضمان.
ولكن (المشهور) في المذهب أن هذا السبب لا يفضي إلى الهلاك، بخلاف الإجهاض.
قاله الرافعي. (ر. الشرح الكبير: ١٠/ ٤١٧).
(٤) في الأصل: "إذا حد صبياً حداً".