للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والخيار يثبت شرطاً، وخيار المجلس وإن كان شرعاً، فهو مترتب على عقد ثبت اختياراً، وكل ذلك خبطٌ، لست أرى الاعتداد به، والمذهب (١) أن الفداء لا يلزم باختياره.

ومما يتفرع على هذا المنتهى أنا إذا قلنا: لا يلزم الفداء بالاختيار، فلو قال: التزمت الفداء، فهل يلزم ذلك؟ إن قلنا: الأرش لا يتعلق بالذمة، ولا يفيد لفظ الالتزام شيئاًً، [فإن الأرش يبقى] (٢) برقبة العبد، وللسيد الفداء إن شاء.

فإن قلنا: الأرش يتعلق بذمة العبد، فهل يصح ضمانه حتى لو قال أجنبي: ضمنت الأرش، يلزمه الوفاء به؟ هذا فيه تردد عندي، مأخوذ من كلام الأئمة، يجوز أن يقال: يصح الضمان، كما يصح الضمان عن الميت المعسر الذي لم يخلف شيئاًً، والعبد يرجو أن يعتق ويتمول [وآماله متوقعة] (٣)، وإن صح الضمان عن الميت المعسر، فلأن يصح عن العبد أولى.

ويجوز أن يقال: لا يصح الضمان؛ فإنا وإن أطلقنا الذمة، فهو على تقدير التوقع والترقب بتقدير العتاقة، ولو لزم ذمّةَ العبد دينٌ غيرُ متعلق برقبته، ففُرض ضمانه، فالضمان في هذا النوع أولى بالصحة من الضمان في الأرش، ولا خلاف أنه يصح ضمان ما يتعلق بكسب العبد، وهو مايلتزم بإذن السيد، كالمهر في النكاح الصحيح، والوجه تصحيح الضمان عن العبد مهما (٤) حكمنا بتعلق الأرش برقبته، هذا فيه إذا كان الضامن أجنبياً.

فأما إذا كان الضامن هو السيد، وذكر لفظاً مضمونه الالتزام، فهذا عندنا مرتبٌ على ضمان الأجنبي، ولعل الأصح أنه يصح منه الضمان والالتزام لتعلق ذلك بملكه.

والله أعلم.


(١) عبارة الأصل: "وهو المذهب أن الفداء" ...
(٢) في الأصل: "فإن الأرش لا يبقى".
(٣) في الأصل: "وآمال مضمونة". وهو تصحيف واضح.
ثم المعنى المقصود أن آمال العبد في العتق والتمول غير منقطعة بخلاف المعسر، فإذا صح الضمان عن الميت المعسر، فمن باب أولى يصح عن العبد.
(٤) مهما: بمعنى إذا.