للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل (١)

قال الشافعي رضي الله عنه: "إذا اصطدم الراكلبان على أي دابة كانت ... إلى آخره" (٢).

١٠٧١٠ - إذا التقى ماشيان واصطدما وماتا، فعُلم أن كل واحد منهما مات بقوّة نفسه وقوة صاحبه؛ فإن الصدمة تقع بالقوتين جميعاً، ثم ما يقابل قوة الإنسان، فهو هدر من جانبه وما يقابل قوة صاحبه، فهو مضمون، ثم إذا تأصل ذلك، فلا وجه للنظر في تفاوت القوتين، واختلاف تأثيرهما في الصدمة، فإن ذاك أمر لا يدخل تحت الضبط، وهو بمثابة قولنا: إذا جرح رجل رجلاً مائة جراحة من غير [تذفيف] (٣) وجرح المجروح نفسه جراحة واحدة، وحصل الزهوق محالاً على الجراحات، فالحكم أنه يُهدَر نصفُ الدية، ويجب نصفها.

هذا مأْخذ الباب، وموجب ما ذكرناه يتضمن أن نُهدر ما يقابل فعلَ كل واحد منهما في حق نفسه، ونوجب ما يقابل فعل الثاني، وموجَب ذلك التنصيفُ لا محالة.

١٠٧١١ - فإذا تمهد أصل الباب قلنا: إذا اصطدم ماشيان على غير عمد وهلكا، فيهدر نصفُ دية كل واحد منهما بسبب فعله، ويجب دية نصف كل واحد منهما على عاقلة صاحبه؛ فإن مسائل الباب تتصور في الخطأ وشبه العمد، كذلك تتصور الوقائع في العادة المطردة.

ولو اصطدم راكبان على دابتيهما، وهلكا، وهلكت الدابتان، فيهدر من كل واحد نصفُ ديةٍ، ويهدر نصفُ قيمة دابة كل واحد منهما، ويجب نصف قيمة كل دابة في مال الآخر، ويجب نصف دية كلِّ واحد منهما على عاقلة الآخر؛ فإن الدية محمولةٌ معقولة، بخلاف قيمة الدابة.


(١) سقط هذا العنوان في السطر الذي ذهب.
(٢) ر. المختصر: ٥/ ١٣٨.
(٣) في الأصل: "مزيد".