يعني هذا بحال أن أحدهما أفضل في الشرح والتحقيق من الآخر، فكلاهما إمام جليل، ولكن لكلٍّ منهما صنعته وتحريره وفق ما استند عليه وانتهج.
ويظهر هذا الاختلاف في الآتي:
أولًا: عدم متابعة البهاء المقدسي ما أصلحه الشارح من مواضع في المقنع، إذ كما سبق أن الشارح ابن أبي عمر قد أذن له الموفق في إصلاح ما يراه كما تقدم ذلك في الكلام على المقنع، إلا أنه بتتبع هذه الإصلاحات من كلام ابن المنجا والمرداوي وجدت أن في بعضها مؤاخذات عليها، ولم يجر البهاء على شيء منها.
ثانيًا: من خلال تتبع تقريرات البهاء وابن أبي عمر لبعض المسائل من المقنع التي شرحاها ومقارنة تقريراتهما، وما وجدته من تقويم الشُّراح من بعدهما لاختيارات ابن أبي عمر خاصة لأنه الشرح المتداول بينهم، ومقارنتها مع تقرير البهاء وما انتهى إليه، خلصت إلى حصر عدد من المسائل اختلف فيها نظر البهاء عن نظر الشارح.
وحيث إني لم أقم بتتبع كل المسائل ولم أقارن بينها فإني أكتفي بإيراد ما وقفت عليه مما نوه عليه المرداوي في الإنصاف، لأنه من أكثر شراح المقنع جمعًا لكتب المذهب، ومن أقدرهم فهمًا وإدراكًا لها.
وعليه سأورد جملة من تلك المسائل التي وقفت عليها مما اختلف فيه نظر البهاء والشارح ابن أبي عمر مع بيان وجه الخلاف باختصار، والثمرة منه في آخر المسألة والله المعين.
أولًا: في مسألة وجوب غسل الكافر إذا أسلم في باب الغسل من كتاب الطهارة قرر البهاء في الرواية الأولى من وجوب الغسل على الكافر إذا أسلم هو المذهب، وذكر الرواية الثانية: لا غسل عليه، اختارها أبو بكر.