للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يجزه)، وذلك لأن الترتيب شرطٌ من شرائط الطواف، وهو أن يطوف على يمينه، فإن نَكَّسه لم يجزه؛ لأن النبي جعل البيت على يساره في طوافه وقال: «خذوا عنّي مناسككم» (١).

وأما إذا طاف على جدار الحِجْر، أو شاذَروان الكعبة، لم يُجزِه؛ لأن الله سبحانه قال: ﴿وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ [الحج: ٢٩]، وهذا يقتضي الطواف بجميعه، والحِجرُ منه لقوله : «الحِجرُ من البيت» متفق عليه (٢)، فإذا طاف على شاذَروان الكعبة لا يجزئه؛ لأنه لا يكون طائفًا بجميع البيت فلا يجزئه لذلك.

وأما إذا ترك شيئًا من الطواف وإن قلَّ لم يُجزِه؛ لأن النبي طاف سبعًا فيكون تفسيرًا لمجمل قوله تعالى: ﴿وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ [الحج: ٢٩]، فيكون هو الطوافَ المأمورَ به، وقد قال : «خذوا عني مناسككم» (٣).

والنِّية شرطٌ لصحة الطواف، فإذا تركها لا يجزئه؛ لأنها عبادةٌ محضةٌ فأشبهت الصلاة.

[١١٢٠/ ٦] مسألة: (وإن طاف محدِثًا أو نجِسًا أو عُريانًا لم يُجزِه (٤)؛ لما روى ابن عباس أن النبي قال: «الطواف بالبيت صلاةٌ إلا أن الله أباحكم فيه الكلام، فمن تكلم فلا يتكلم إلا بخيرٍ» رواه الترمذي (٥).


(١) الحديث بنحوه أخرجه مسلم في صحيحه من حديث جابر (١٢٩٧) ٢/ ٩٤٣، وهو بلفظه أخرجه البيهقي في الكبرى ٥/ ١٢٥.
(٢) صحيح البخاري (١٥٠٧) ١/ ٥٧٣، وصحيح مسلم (١٣٣٣) ٢/ ٩٧٣.
(٣) سبق تخريجه قريبًا.
(٤) في المطبوع من المقنع ص ١٢٥ قوله: (وعنه يجزئه ويجبره بدم).
(٥) سبق تخريجه في المسألة [١٠٤/ ٧]، ولم أجد لفظ (أباحكم) في كتب السنة، قلت: وقد يكون لها أصلًا إذ هي في الكافي ٢/ ٤١١، وأوردها الآجري في كتابه مسألة الطائفين ص ٢٧، والشيخ عبدالقادر الجيلاني في الغنية ١/ ٣٠ بلا زيادة: «فمن تكلم فلا يتكلم إلا بخيرٍ»، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>