للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وليَحلِل» (١)، ودعا للمحلقين ثلاثًا وللمقصرين مرةً (٢)، والتفاضل إنما هو في النسك، وقال : «إنما على النساء التقصير» (٣). (٤)

فعلى هذا إذا أخَّره عن أيام مِنًى فيه روايتان: إحداهما: عليه دمٌ؛ لأنه ترك النسك [في] (٥) وقته، فأشبه تأخير الرمي.

والثانية: لا شيء عليه سوى فعله؛ لأن الله تعالى بين أول وقته بقوله: ﴿وَلَا تَحْلِقُوا رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ﴾ [البقرة: ١٩٦] ولم يبين آخره، ولأنه لو أخَّر الطواف لم يلزمه إلا فعله، فالحلق أولى. (٦)

(وعنه: أنه ليس بنسكٍ إنما هو استباحة محظورٍ (٧)؛ لأنه محرَّمٌ في


(١) أخرجه البخاري في صحيحه (١٦٠٦) ٢/ ٦٠٧، ومسلم في صحيحه (١٢٢٧) ٢/ ٩٠١.
(٢) سبق تخريجه في المسألة [١١٥٥/ ٢٦].
(٣) سبق تخريجه في المسألة [١١٥٦/ ٢٧].
(٤) ما قرره المصنف في هذه الرواية من كون الحلق للمحرم نسكًا هو الصحيح من المذهب، وسيأتي في الرواية الثانية: أنه إطلاق من محظور وليس بنسك. ينظر: الكافي ٢/ ٤٤٢، وشرح العمدة ٥/ ٢٦٩، والفروع ٦/ ٥٦، والإنصاف ٩/ ٢١٣، وكشاف القناع ٦/ ٣١٢.
(٥) في نسخة المخطوط (فيه)، والصواب المثبت من الكافي ٢/ ٤٤٣.
(٦) هذه المسألة مبنية على مسألة ما صح من المذهب في أن الحلق للمحرم نسك مثله مثل رمي جمرة العقبة الكبرى وغيرها، وهذا البناء صحيح في المذهب، وما قرره المصنف في الرواية الثانية هو المذهب. ينظر: الحاشية قبل السابقة.
(٧) قيل: إن الرواية مستفادة مما نقله الكوسج في مسائله عنه ١/ ٥٥٤، حيث سأله: «في الذي يصيب أهله في العمرة قبل أن يقصر؟ قال: الدم لهذا كثير عندي»، ونقل القاضي في الروايتين والوجهين عن أبي داود في مسائله عن الإمام ١/ ٢٨٨: «وقال أيضًا في رواية أبي داود في المعتمر إذا أطاف وسعى ولم يحلق ولم يقصر حتى أحرم بحجة: بئس ما صنع! وليس عليه شيء» قلت: ولم أجد هذه الرواية في مسائل أبي داود، ثم علق القاضي على ذلك فقال: «فظاهر هذا أنه قد تحلل منها؛ لأنه لم يوجب عليه الدم بوطئه قبل التحلل، وأجاز له الإحرام بالحج قبل ذلك، ولم يجعله قارنًا، ولو كان نسكًا لأوجب الدم وكان قارنًا، ووجه هذه الرواية أنه محظور في الإحرام، فوجب أن يكون في وقته إطلاق محظور كالطيب واللباس وقتل الصيد». وأنكر في شرح العمدة ٥/ ٢٧٠ هذه الرواية وقال: «واعلم أن هذا القول غلط على المذهب، ليس عن أحمد ما يدل على هذا، بل كلامه كله دليل على أن الحلق من المناسك، وإنما توهم ذلك من توهمه حيث لم يوقف التحلل عليه، أو حيث لم يقيد النسك بالوطء قبله، وهذه الأحكام لها مأخذ آخر، ثم هو خطأ في الشريعة».

<<  <  ج: ص:  >  >>