للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فأما إبدالها بخير منها فيجوز، وقال أبو الخطاب: «لا يجوز إبدالها») (١)؛ لما ذكرنا للبيع، ولأنه زال مِلكه عنها لله تعالى، فلم يجز إبدالها كالوقف، وكما لو أبدلها بمثلها أو دونها.

ولنا: الخبر (٢)، وقد تأوَّلناه على معنى الإبدال، ويتعين حمله عليه لاتفاقنا على تحريم بيعها وهبتها، ولأنه عَدَلَ عن العين إلى خيرٍ منها من جنسها فجاز كما لو أخرج عن بنت لبونٍ حقةً في الزكاة، ولأن النُّذور محمولةٌ على أصولها في الفروض، وفي الفروض يجوز إخراج البدل في الزكاة، فكذلك في النذر.

وقوله: «قد زال مِلكه» (٣) ممنوعٌ، بل تعلق بها حق الله تعالى مع بقاء ملكه عليها؛ بدليل أنه لو عين الواجب في ذمته فَعَطِبَ أو تعيب كان له استرجاعه، ولو زال ملكه لم يعد إليه كالوقف. (٤)

والفرق بين الإبدال والبيع: أن الإبدال لا يزيل الحقَّ المتعلق بها من جنسها، والبدل قائمٌ مقامها فكأنها لم تزل في المعنى، ولا يجوز إبدالها بمثلها أو دونها لعدم الفائدة فيهما، وحصول الضرر في إبدالها بدونها والله أعلم.


(١) الهداية ص ٢٠٢.
(٢) أي خبر علي المتقدم.
(٣) وهذا قول أبي الخطاب في الهداية، أورده المصنف للجواب عليه.
(٤) ما قرره المصنف هو أحد الأقوال في المذهب، وهو أن الهدي والأضحيَّة إذا تعينا لم يجز بيعهما، ولا هبتهما، ولا إبدالهما إلا بخير منهما، وهو اختيار شيخه، وقال في الإنصاف: «يجوز فيه نقل الملك فيه بشراء خير منها»، وقال: وهو الصحيح من المذهب، وهو رواية الجماعة عن الإمام، وعليه عامة الحنابلة.
قلت: وعليه يكون ما قرره في الإنصاف أعم من جواز الإبدال فقط على ما قرره المصنف، والرواية الثانية: يجوز نقل الملك فيه بشراء خير منها في الأضحيَّة دون الهدي، والرواية الثالثة: أن الملك يزول بالتعيين مطلقًا، فلا يجوز البيع والإبدال جميعًا، وهو اختيار أبي الخطاب كما قرره المصنف. ينظر: الكافي ٢/ ٤٧٧، والفروع ٦/ ٩٥، والإنصاف ٩/ ٣٧٥، وكشاف القناع ٦/ ٤٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>