للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن حكم بالاسترقاق جاز؛ لأنه إذا نفذ حكمه بالقتل نفذ بالاسترقاق؛ لأنه أَخَفُّ.

وإن حكم بالفداء جاز؛ لأنَّ للإمام أنْ يَمُنَّ عليهم ويطْلِقَهم بغير شيءٍ.

وإن حكم عليهم بإعطاء الجزية لم يلزم؛ لأنَّ عقد الذمة عقد معاوضةٍ فلا يثبت إلا بالتَّراضي، ألا ترى أن الإمام لا يملك إجبار الأسير على إعطاء الجزية.

وإن حكم بالقتل والسَّبيِ فللإمام أن يَمُنَّ على بعضهم؛ لأنَّ ثابت بن قيس (١): «سأل في الزَّبير بن باطا من قريظة ومالِه رسول الله فأجابه» (٢)، ويخالف مال الغنيمة إذا حازه الإمام لأن ملكهم استقر.

وإن أسلموا قبل استرقاقهم حَقَنوا دماءهم وأموالهم وأولادَهم الصِّغار؛ لأنهم أسلموا وهم أحرارٌ وأموالهم لهم.

ولم يجز استرقاقهم في أحد الوجهين بخلاف الأسير؛ لأنه قد ثبت للأمير استرقاقه.

وفي الوجه الآخر: يجوز؛ كالأسير إذا أسلم يجوز استرقاقه. (٣)

وإن أسلموا بعد الحكم عليهم؛ فإن كان الحكم عليهم بالقتل سَقَطَ، ولم يكن له استرقاقهم في أحد الوجهين؛ لما ذكرناه من أنه لم يَثْبُت له


(١) ثابت بن قيس هو: أبو محمد ابن شماس بن زهير بن مالك بن امرئ القيس الخزرجي الأنصاري (ت ١١ هـ)، صحابي، ملقب بخطيب الأنصار، شهد أحدًا وما بعدها من المشاهد، وقتل يوم اليمامة في خلافة أبي بكر الصديق . ينظر: الاستيعاب ١/ ٢٠٠، والإصابة ١/ ٣٩٥.
(٢) أخرجه البيهقي في سننه الكبرى ٩/ ٦٦، وفيه ضعف؛ لأنه من رواية ابن لهيعة.
(٣) ما قرره المصنف في الوجه الأول من عدم جواز استرقاقهم هو المذهب. ينظر: الكافي ٥/ ٤٩٠، والمبدع ٣/ ٣٣٣، والإنصاف ١٠/ ١١٥، وكشاف القناع ٧/ ٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>