للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأعطاني مثل ما أعطى رَجلًا منهم، ثم قال: لولا أني سمعت رسول الله يقول «لا نَفَلَ إلا بعد الخُمس» لأعطيتك، ثم أخذ يعرض عليَّ من نصيبه فأبيت» أخرجه أبو داود (١)، ولأنه مالُ مُشرِكٍ مَظهورٌ عليه بقوةِ جيش المسلمين فكان غنيمةً كأموالهم الظاهرة. (٢)

[١٢٩٦/ ٦] مسألة: ويملك الغنيمة (بالاستيلاء عليها في دار الحرب)، بدليل أمورٍ ثلاثةٍ:

أحدها: أن سبب المِلك الاستيلاء التّامُّ وقد وُجد، فإننا أثبتنا أيدينا على أموالهم حقيقةً، وقهرناهم ونفيناهم عنها، والاستيلاء يدلُّ على حاجة المستولي، فثبت به المِلك كما في المباحات.

والثاني: أن مِلك الكفار قد زال عنها، بدليل أنه لا ينفُذُ عتقهم في العبيد الذين حَصَلوا في الغنيمة، ولا يصح تصرفهم فيها، ومعلوم أنه لم يَزُل ملكهم إلى غير مالكٍ، إذ ليست في هذه الحال مباحة، علم أنه زال ملكهم إلى الغانمين.

والثالث: أنه لو أسلم عبد الحربي ولحق بجيش المسلمين صار حرًّا، وهذا يدلُّ على زوال مِلك الكافر.

(وإذا ثبت الملك فيها جاز قسمها)؛ لما روى أبو إسحاق الفَزاريُّ (٣)


(١) سنن أبي داود (٢٧٥٣) ٣/ ٨١، كما أخرج الحديث أحمد في مسنده (١٥٩٠٠) ٣/ ٤٧٠، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير ٢/ ١٢٥٤.
(٢) ما قرره المصنف أن ما أخذ من دار الحرب من ركاز، أو مباح له قيمة، إن قدر عليه بجماعة من المسلمين فهو غنيمة هو المذهب. ينظر: الكافي ٥/ ٥٣٧، والإنصاف ١٠/ ٢١٣، وكشاف القناع ٧/ ١٣٥.
(٣) أبو إسحاق الفزاري هو: إبراهيم بن محمد بن الحارث (ت ١٨٥ هـ)، إمام ثقة، وكان رجلًا صالحًا صاحب سنة، وكان يتولى تأديب أهل الثغر ويعلمهم السنة، وكان يأمر وينهى، وإذا دخل الثغر رجل مبتدع أخرجه، وكان كثير الحديث وكان له فقه، روى عن: حميد الطويل، وأبي طوالة، وأبي إسحاق السبيعي، والأعمش، وموسى بن عقبة، ويحيى بن سعيد الأنصاري، ومالك، وغيرهم، وروى عنه معاوية بن عمرو الأزدي، وزكريا بن عدي، والأوزاعي - وهو من شيوخه - وغيرهم. ينظر: الثقات ٦/ ٢٣، وتهذيب التهذيب ١/ ١٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>