للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[١٤٨٥/ ٢٧] مسألة: وإن تعيب المبيع عند المشتري قبل علمه بالعيب الأول، فله الأرش وليس له الرَّدُّ؛ لأن الرَّدَّ ثبت لإزالة الضَّرَرِ، وفي الرَّدِّ على البائع إضرارٌ به، ولا يشرع إزالة الضَّرَرِ بالضَّرَرِ.

وعنه: أنه مُخيَّرٌ بين الأرش وبين رَدِّه وأرش العيب الحادث عنده، ويأخذ الثمن (١)، بدليل حديث المصرّاة (٢)، فإنه أمر برَدِّها وصاعٍ من تمرٍ عوضَ اللبن، ولأنه عيبٌ حَدَثَ عند المشتري فكان له الخيار بين رَدِّ المبيع وأرشه وبين أخذ أرش العَيب القديم، كما لو كان حدوثه لاستعلام المبيع، ولأن الرَّد كان جائزًا قبل حدوث العيب الثاني، فلا يزول عنه إلا بدليل، وليس في المسألة نصٌّ، ولا إجماعٌ، ولا قياسٌ، فيبقى الجواز بحاله. (٣)

وقال الخرقي: «إلا أن يكون البائع دَلَّسَ العيب فيلزمه رَدُّ الثمن كاملًا» (٤) يعني: أن المشتري إذا وطئ البكر أو تعيب المبيع في يده أيُّ عيبٍ كان، ثم عَلِمَ بعيبٍ دَلَّسه البائع.

ومعنى التدليس: تغطية العيب وكتمانه، وهو مشتق من الدُّلسة، وهي الظلمة، فكأن البائع غَطّى العيب وتركه على الخفاء، إما أن يستره بما يخفى به على المشتري، أو يعلم به فيكتُمه ولم يبَيِّنه، فكلاهما تدليسٌ حرامٌ.

إذا فعله البائع فلم يعلم به المشتري حتى تعيب المبيع في يده فله ردُّ المبيع وأخذ ثمنه كاملًا، ولا أرش عليه سواءٌ كان الحادث بفعل


(١) وذلك في مسائل الكوسج عن الإمام أحمد ٢/ ١٠. ينظر: الروايتين والوجهين ١/ ٣٤١.
(٢) سبق تخريجه في المسألة [١٤٧٨/ ٢٠].
(٣) الحكم في هذه المسألة كالحكم فيما لو وطئ الأمة البكر في المسألة السابقة خلافًا ومذهبًا.
(٤) ينظر: توثيق قوله في المغني ٤/ ١١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>