للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وهل يجوز استعماله في اليابسات (١)؟ على روايتين (٢) إحداهما: لا يجوز؛ لعموم قوله : «فلا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب».

والثانية: يجوز الانتفاع بجلد ما كان طاهرًا في حال الحياة إذا دبغ (٣)؛ لقوله : «ألا أخذوا إهاب هذه فدبغوه وانتفعوا به» (٤)؛ ولأن الصحابة لما فتحوا فارس استعملوا سروجَهم وأسلحتَهم وذبائحهم ميتةٌ؛ ولأنه انتفاع من غير ضررٍ، أشبه الاصطياد بالكلب والانتفاع بالبغل والحمار. (٥)


(١) في المطبوع من المقنع زيادة قوله: (بعد الدبغ)، قال في الإنصاف ١/ ١٦٥: «قوله: بعد الدبغ، هي من زوائد الشارح».
(٢) وذلك تفريعًا على قول المذهب بعدم جواز الانتفاع بجلد الميتة. ينظر: المصادر السابقة.
(٣) يفرق المذهب فيما يجوز الانتفاع بجلده حال الحياة بعد دبغه بمسألة وهي: هل يقوم الدباغ مقام الذكاة، أو مقام الحياة، فيطهر جلد المأكول بالذكاة، أو جلد ما كان طاهرًا في الحياة دون ما سوى ذلك؟ على وجهين في المذهب:
الأول: يطهر بالدباغ ما تطهره الذكاة. اختارها جماعة في المذهب منهم ابن تيمية وصححها؛ لنهيه في حديث عن جلود السباع. ينظر: الفتاوى الكبرى ١/ ٤٢، والإنصاف ١/ ١٦٣. قلت: وهذا الوجه والذي يليه حكاهما المرداوي رواية في المذهب.
والثاني: أن الدباغ يطهر ما كان طاهرًا حال حياته - وهو ما ذكره المؤلف في الرواية الثانية - اختارها جماعة في المذهب، منهم المجد وحفيده ابن تيمية في قولٍ آخر عنه. ينظر: منتقى الأخبار ص ٤٣ - ٤٥، وشرح العمدة ١/ ٨٣.
وبناء على هذه المسألة ترد مسألة الاستعمال في اليابسات، فإن قلنا يجوز الانتفاع من جلد ما كان طاهرًا حال الحياة أو ما طهرته الذكاة على أحد الوجهين لم ترد مسألة جواز الاستعمال في اليابسات والله أعلم.
(٤) لم أجد من خرجه بهذا اللفظ، وبنحوه أخرجه البخاري في صحيحه من حديث ابن عباسٍ في عدة مواضع، منها برقم (١٤٢١) ٢/ ٥٤٣ و (٢١٠٨) ٢/ ٧٧٤ و (٥٢١١) ٥/ ٢١٠٣، ومسلم أيضًا في صحيحه في عدة مواضع منها برقم (٣٦٤) و (٣٦٥) ١/ ٢٧٧.
(٥) قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى ٢١/ ٦٠٩: «وهي آخر الروايتين عن أحمد، أن الدباغ مطهر لجلود الميتة». وينظر: العدة شرح العمدة ص ٣١، وشرح العمدة ١/ ٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>