للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أما الميت: فقال : «الميت مُرتَهَنٌ بدينه حتى يُقضى عنه» (١)، وأما صاحب الدَّين فيتأخر حَقُّه، وقد تتلف العين فيسقط حَقُّه، وأما الورثة فإنهم لا ينتفعون بالأعيان ولا يتَصرَّفون فيها، وإن تُصوِّرَ فيه منفعةٌ فلا يَسقُط حَظُّ الميت، وصاحب الدَّين لمنفعتهم.

ووجه الرواية الأخرى: أن الموت لا يوجب حُلول ماله، فلا يوجب حُلول ما عليه كالمجنون، ولأنه حَقٌّ للميت، فلا يبطل بموته سائر حقوقه، وذلك أن الموت ما جعل مُبطلًا للحقوق، وإنما هو عَلامةٌ على الوراثة، وقد قال : «من ترك حقًّا أو مالًا فلورثته» (٢)، فعلى هذا يبقى الدَّين في ذِمَّة الميت كما كان، إلا أنه يتعلق بعين ماله كما تتعلق حقوق الغرماء بمال المفلس عند الحجر، فلو أراد الورثة أن يتصرَّفوا في المال ويلتزموا للغَريم لم يكن لهم ذلك إلا برضا الغَريم، أو يُوثِّقوا الحَقَّ بضمينٍ مليءٍ، أو رَهنٍ يفي بدينه؛ لئلا يفضي إلى فوات حَقِّه. (٣)

وإن قلنا: إن الدَّين يحل بالموت، فأحَبَّ الورثه القضاء من غير التَّركةِ واستخلاص التركة لهم، فلهم ذلك، وإن قَضوا منها فلهم ذلك.


(١) لم أجده بهذا اللفظ، وهو في المغني ٤/ ٢٨٢، والحديث بنحوه أخرجه الدارقطني في سننه ٣/ ٤٦ من حديث علي ولفظه: «ليس من ميت يموت وعليه دين إلا وهو مرتهن بدينه»، وضعفه البيهقي في سننه الكبرى ٦/ ٧٣، وابن عبدالهادي في تنقيح التحقيق ٣/ ٣٥، وابن الملقن في البدر المنير ٦/ ٧١١. وبنحوه أيضًا من حديث أبي هريرة ولفظه: «لا تزال نفس ابن آدم معلقة بدينه حتى يُقضى عنه»، أخرجه أحمد في مسنده (١٠٦٠٧) ٢/ ٥٠٨، والترمذي في جامعه (١٠٧٨) ٣/ ٣٨٩، وابن ماجه في سننه (٢٤١٣) ٢/ ٨٠٦، وقال الترمذي: «حديث حسن»، وحسنه النووي في خلاصة الأحكام ٢/ ٩٣٠.
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة (٢١٧٦) ٢/ ٨٠٥، ومسلم في صحيحه (١٦١٩) ٣/ ١٢٣٧.
(٣) ما قرره المصنف من أن موت الضامن أو المضمون عنه لا يوجب حُلول ماله هو المذهب. ينظر: ٤/ ٢٨٢، والمبدع ٤/ ٢٦٠، والإنصاف ١٣/ ٥٥، وكشاف القناع ٨/ ٢٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>