كما أخَص مشرفي على الرسالة فضيلة د. خالد بن سعد الخشلان الذي وقف معي موقف الناصح الأمين، لما غمرني بكرمه في بيته المعمور بالطاعة، وأولاني من سنام وقته ومعرفته وعلمه، وطالع الرسالة مطالعة الناقد البصير، وأوقفني على ما أخطأت فيه موقف الطالب المستنير، فجزاه الله عني خير ما جزى شيخًا عن تلاميذه، وأولاه توفيقه وإحسانه خير ما جزى محسنًا عن إحسانه.
وكان من جميل تقدير الله تعالى أن عَرضتُ موضوع تحقيق هذا الكتاب ابتداءً على شيخنا الفاضل أ. د الوليد بن عبد الرحمن الفريان، فأرشدني إلى إطلاع أ. د عبد الرحمن بن سليمان العثيمين ﵀ على الموضوع، وفي الثالث والعشرين من شهر جمادى الآخرة سنة ١٤٣٥ هـ رحلتُ من الرياض إلى القصيم قاصدًا عنيزة، راغبًا لقيا الشيخ المحقق الأديب الأريب أ. د عبد الرحمن العثيمين شامة الحنابلة في عصرنا، فاستضافني في بيته المعمور، وفي قاع لؤلؤ مغمور، وعرضت عليه شرح المقنع للإمام أبي محمد بهاء الدين المقدسي، وكان مجلسًا جميلًا في مكتبته المنيفة اكتسبت فيه فوائد بديعة، وحكمًا بليغة، ودقائق في أعلام الحنابلة وكتبهم نفيسة، ووعدني بتذييل رؤيته على الشرح في لقاء آخر، ثم في الثامن من شهر رجب من السنة ذاتها، ساق لي ربي الخير بأن صحبت شيخنا المفضال أ. د سعد بن ناصر الشثري - زاده الله من علمه، وفتح عليه من فضله وبره - ظهرًا إلى بلدة عنيزة قاصدين أول من قصدناه فضيلة أ. د عبد الرحمن العثيمين (١)، وفي هذا المساء المبارك وفَّى
(١) وكما قال شيخنا مخاطبًا الدكتور عبد الرحمن في أول دخولنا عليه: لا يصلح المرور بهذه البلدة إلا بالسلام ابتداء على مقدمها الدكتور عبد الرحمن العثيمين، ثم جلسنا عنده قبل المغرب نحتسي القهوة والقدوع، واطلعنا على مكتبته العامرة وكتبه الباهرة الحافلة بخزائن الأدب وعيون أخبار من هب ودب، وتجاذبا عفا الله عنهما أطراف الحديث حول القبائل والبلدان والكتب وطبعاتها، وكان شيخنا حريصًا على إمتاع الشيخ عبد الرحمن بالقصص القديمة وذكر كرمه على العلم وأهله، وكان الشيخ أبو سليمان يكبر الشيخ سعدًا ويجله في موقف لا يراد له نهايَة.