للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الروايتين)؛ لما روى عثمان بن أبي العاص أنه قال: «إن آخر ما عهد إليَّ النبي أن أتخذَ مؤذِّنًا لا يأخذ على الأذان أجرًا»، قال الترمذي: «حديثٌ حسنٌ» (١)، ولأنه قربةٌ لفاعله أشبه الإمامة. (٢)

(وإن لم يوجد من يتطوع به رَزَقَ الإمام من بيت المال من يقوم به)؛ لأن الحاجة داعية إليه، فجاز أخذُ الرَّزْقَ عليه كالجهاد. (٣)

[٢١٢/ ٣] مسألة: (وينبغي أن يكون المؤذن صيِّتًا)؛ لأن النبي قال لعبد الله بن زيد : «ألْقِهِ على بلالٍ؛ فإنه أندى صوتًا منك» (٤)، ولأنه أبلغ في الإعلام المقصود بالأذان.

وأن يكون (أمينًا)؛ لأنه يؤتمن على الأوقات فإذا لم يكن عدلًا غرَّهم بأذانه في غير الوقت.

ويكون (عالمًا بالأوقات) ليتمكن من الأذان في أوائلها. (٥)

[٢١٣/ ٤] مسألة: (فإن تشاحَّ نفسان في الأذان قدم أفضلهما في هذه الخصال المذكورة)؛ لأن النبي قدم بلالًا على عبدالله لكونه أندى صوتًا (٦)، وقسنا عليه باقي الخصال.


(١) جامع الترمذي (٢٠٩) ١/ ٤٠٩ وقال: «حسن صحيح، والعمل على هذا عند أهل العلم كرهوا أن يأخذ المؤذن على الأذان أجرًا، واستحبوا للمؤذن أن يحتسب في أذانه»، كما أخرج الحديث ابن ماجه في سننه (٧١٤) ١/ ٢٣٦، وبنحوه عند أحمد في مسنده (١٦٣١٦) ٤/ ٢١، وأبي داود في سننه (٥٣١) ١/ ١٤٦، والحاكم في مستدركه ١/ ٣١٧، وقال: «حديثٌ صحيحٌ على شرط مسلم ولم يخرجاه».
(٢) ما قرره المصنف من عدم جواز أخذ الأجرة عليه هو المذهب، والرواية الأخرى التي أشار إليها المصنف: الجواز، والرواية الثالثة: الكراهة. ينظر: المبدع ١/ ٣١٤، والإنصاف ٣/ ٥٧، وكشاف القناع ٢/ ٤١.
(٣) قال في المغني ١/ ٢٤٩: «ولا نعلم خلافًا في جواز أخذ الرزق عليه؛ لأن بالمسلمين حاجة إليه، وقد لا يوجد متطوع به وإذا لم يدفع الرزق فيه يعطل».
(٤) سيأتي الحديث بتمامه في المسألة التالية، وقد سبق تخريجه في بداية الباب.
(٥) حاشية: بلغ العرض.
(٦) يعني تقديم بلال بن رباح على عبدالله بن زيد كما قرره قبل قليل.

<<  <  ج: ص:  >  >>