للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وقال أبو بكر: «لا يحتاج القصر والجمع إلى نيةٍ» (١)؛ لأن من خُيِّر في العبادة قبل الدخول فيها خُيِّر بعد الدخول فيها كالصيام. (٢)

[٥٢٥/ ١٦] مسألة: (ومن له طريقان بعيدٌ وقريبٌ، فسَلَكَ البعيد فله القصر)؛ لأنه سفرٌ تُقصَر في مثله الصلاة فجاز له القصر؛ كما لو لم يكن له طريق سواه.

(وأما إذا ذكر صلاة سفرٍ في سفرٍ آخر)، أو في ذلك السفر (فله القصر)؛ لأن وجوبها وفعلها وُجِدا في السفر، فكان له قصرها كما لو أداها، ويَتخَّرج أن يلزمه إتمامها إذا ذكرها في سفر آخر؛ لأن الوجوب كان ثابتًا في ذمته في الحضر.

[٥٢٦/ ١٧] مسألة: (وإذا نوى الإقامة في بلدٍ أكثر من إحدى وعشرين صلاةً أتم، وإن نوى دونها قصر)، وذلك لأن النبي أقام بمكة، فصلى بها إحدى وعشرين صلاة يقصر فيها (٣)؛ لأنه قدم لصبح رابعةٍ، فأقام إلى


(١) لعل قول أبي بكر غلام الخلال أخذ من مسألة المسافر إذا أخرج مكرهًا، فإنه لا يقصر الصلاة لعدم النية في السفر، كما وردت المسألة في زاد المسافر ٢/ ٢٢٠، وتوثيقه بنصه على نحو ما ذكره المصنف في الكافي ١/ ٤٤٧.
(٢) شمل كلام المصنف في هذه المسألة أمرين:
الأول: قوله: (إذا لم ينو القصر)، يعني: نية القصر عند الإحرام، فالمذهب أن النية للقصر خاصة شرط في جواز القصر، فلو لم ينو لا يجوز له القصر، قال في الإنصاف: «وعليه جماهير الأصحاب»، والوجه الثاني في المذهب: أنه لا تلزم نية القصر عند الإحرام؛ لأن القصر أصلٌ، فلا حاجة إلى نيته، واختاره أبو بكر غلام الخلال كما قرره المصنف.
الثاني: وينبني على ما سبق فيما إذا لم ينو المصلي القصر مع نية الإحرام، أو شك في نية القصر مع نية الإحرام لزوم إتمام الصلاة من عدمه، وقرر المصنف لزوم الاتمام جريًا على أن نية شرط في جواز القصر. ينظر: الكافي ١/ ٤٤٧، وشرح الزركشي ١/ ٢٥٦، والفروع ٣/ ٨٧، والإنصاف ٥/ ٦٢، وكشاف القناع ٣/ ٢٧٥.
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه عن ابن عباس وجابر بن عبد الله (١٠٣٥) ١/ ٣٦٨، ونصه: «قدم النبي وأصحابه لصبح رابعة يلبون بالحج فأمرهم أن يجعلوها عمرة إلا من معه الهدي»، قال في المغني ٢/ ٦٦: «صلى النبي يوم الرابع والخامس والسادس والسابع، وصلى الفجر بالأبطح يوم الثامن، فكان يقصر الصلاة في هذه الأيام، وقد أجمع على إقامتها».

<<  <  ج: ص:  >  >>