للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قفصٍ، أو مربوطٍ بحبلٍ معه، لزمه إرساله؛ لأن إمساكه محرَّم عليه، واستدامة الإمساك إمساكٌ، فكان ممنوعًا منه كحالة الابتداء، والدليل على أن استدامة الإمساك إمساكٌ أنه يسمى إمساكًا، فلو حلف لا يمسك شيئًا فاستدام إمساكه حَنِثَ.

وإذا ثبت هذا فإنه متى أرسله لم يَزُل مِلكه عنه؛ لأن الإحرام إنما مَنع الفعل في الصيد بما يضره من قتله وصيده وتنفيره وتملكه، واستدامة المِلك ليس بفعلٍ منه فيه ولا ضررٍ به فبقي بحاله.

ومن أخذه ردَّه عليه إذا حلَّ، ومن قتله ضمنه له؛ لأن ملكه كان عليه، وإزالة اليد المشاهدة لا تزيل الحكمية، وهي الملك، بدليل المغصوب والعاريَّة.

فإن لم يرسله فتلف في يده بعد إمكان إرساله ضمنه؛ لأنه تلف تحت اليد العادِيَةِ، فلزمه ضمانه كمالِ الآدمي، وإن تلف قبل إمكان إرساله فلا ضمان عليه؛ لأنه غير مفرطٍ ولا متعدٍّ.

(وإن أرسله من يده إنسانٌ (١) فلا ضمان عليه)؛ لأنه فَعل ما يلزمه فِعلُه، ولأن اليد قد زال حكمها وحرمتها، وإن أمسكه حتى تحلل فمِلكُه باق عليه؛ لأن مِلكَه لم يَزُل، وإنما زال حكم يده المشاهدة، فصار كالعصير يتخمر ثم يتحلل قبل إراقته.

[١٠٥٥/ ٢٧] مسألة: (وإن صال عليه صيدٌ فقتله دفعًا عن نفسه لم يضمنه)؛ لأنه حَيَوانٌ صال عليه فقتله دفعًا عن نفسه، فلم يضمنه كما لو صال عليه آدمي، ولأنه إذا لم يقدر على دفعه إلا بقتله فقد ألجَأه إلى قتله فلم يجب ضمانه كالآدمي. (٢)


(١) في المطبوع من المقنع ص ١١٦ زيادة قوله: (قهرًا).
(٢) ما قرره المصنف من أن المحرم إن صال عليه صيدٌ فقتله دفعًا عن نفسه لم يضمنه هو الصحيح من المذهب، والقول الثاني في المذهب أنه فيه الضمان وهو لأبي بكر عبد العزير ذكره في التنبيه، وقيل: إنه رواية عن أحمد. ينظر: الكافي ٢/ ٣٦٩، وشرح العمدة ٤/ ٥٦٨، والفروع ٥/ ٤٨٠، والإنصاف ٨/ ٣٠٣، وكشاف القناع ٦/ ١٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>