للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خشيت دروس العلم وذهاب أهله (١١٧) وهذا الخبر الذى استخدمه موير (١١٨) لأول مرة فى الدراسات الحديثة شك جولد تسيهر فى صحته، ورأى فيه نزوع الأجيال المتأخرة إلى محاولة عقد صلة بين عمر بن عبد العزيز وكتب الحديث (١١٩). ويروى كذلك عن راوية الخبر السابق وهو مالك/: أن عمر بن عبد العزيز قد توفى دون أن يرى عمل أبى بكر بن حزم (١٢٠)، غير أن أبا بكر بن حزم شكا لمالك من ضياع هذه المجموعات (١٢١). ولكن أبا بكر بن محمد بن حزم لم يشتهر بذلك شهرة معاصره الزهرى (المتوفى ١٢٥ هـ/ ٧٤٢ م) الذى يفاخر بأنه أول من دوّن الحديث (١٢٢). وهكذا تؤكد لنا الأخبار الخاصة بالكتابات الأولى فى مجالات مختلفة، وكذلك تطور الإسناد، وبحث سلاسل إسناد الحديث إن الوقت كان سانحا لمثل هذا النشاط فى التأليف، وأن للزهرى دورا كبيرا فى تدوين الأحاديث.

أما تصنيف الحديث أى ترتيبه على الأبواب- وكان جولدتسيهر قد أرّخ بدايت


(١١٧) موطأ مالك برواية الشيبانى، لكنو ١٢٩٧ ص ٣٨٩، طبقات ابن سعد (بيروت) ٨/ ٤٨٠، سنن الدّارمى، كوانبور ١٢٩٣ ص ٦٨، صحيح البخارى ١/ ٣١، وانظر جولدتسيهر: دراسات إسلامية I.Goldziher ,Muh.Stud.II ٢١٠
(١١٨) موير: حياة محمد وتاريخ الإسلام
B. W. Muir, The Lifeof Mohometandthe Historyof Islam I. XXXH
(١١٩) اثبت جولدتسيهر هذا النص الوارد فى موطأ مالك برواية الشيبانى، ثم قال: «لعله كان فى وسع مالك وراويته يحيى بن سعيد (ت ١٤٣ هـ) أن يقدم أخبارا صحيحة عن جهود عمربن عبد العزيز الذى سبقهما بنصف قرن من الزمان. ولكن هذا الخبر بعينه فيه شك لأنه لم يرد عن مالك إلا فى رواية واحدة من روايات الموطأ، هى رواية الشيبانى، وقد تلقف هذا الخبر الواحد بشغف علماء الحديث المتأخرون فكان منطلقا قويا لهم روّجوا له، وهذا الخبر ليس إلا تعبيرا عن الرأى الحسن السائد حول الخليفة الورع وحبه للسنّة I.Goldziher ,Muh.Stud.II ,٢١١. «ولكن لا يجوز لنا أن نبادر فنزعم أن هذا الخبر الذى ورد فى الموطأ برواية الشيبانى- تلميذ مالك- لا يعكس إلا حسن رأى المتأخرين فى عمر. فلست كل روايات (الموطأ) بين أيدينا فنحكم فى عدم ورود هذا الخبر إلا فى رواية واحدة. وفوق هذا فجولدتسيهر يعلم أن هذا الخبر وارد كذلك فى سنن الدّارمى (المتوفى ٢٥٥ هـ/ ٨٦٨ م)، هذا وقد ذكره كل من ابن سعد والبخارى.
(١٢٠) الزرقانى ١/ ١٠
(١٢١) التهذيب لابن حجر ١٢/ ٣٩ (اعتمادا على رواية الموطأ لابن وهب).
(١٢٢) جامع بيان العلم لابن عبد البر ١/ ٧٣، الفتح لابن حجر ١/ ١٧٤، تنوير الحوالك للسيوطى ١/ ٦، الزرقانى ١/ ١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>