للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبجانب هذا فانا نعرف من المعلومات الكثيرة عادة عرفها الصحابة وأوائل التابعين، فقد كانوا يتبادلون الرسائل فى القضايا العلمية. ونتبين من ملاحظة ذكرت فى موضع آخر أن عبد الله بن العباس لجأ إلى أبى الجلد جيلان بن أبى فروة المخضرم ليشرح له بعض غريب القرآن، وكان أبو الجلد قد امتاز بقراءة الكتب وتأليفها (١٥٩) وكتب نجدة بن عامر الحرورى (المتوفى ٦٩ هـ/ ٦٨٨ م) إلى عبد الله بن العباس، وسأله فى عدد من القضايا الفقهية المتنوعة (١٦٠) وأما نافع بن الأزرق (المتوفى ٦٥ هـ/ ٦٨٥ م) فقد اتجه إليه برسالة تتضمن عددا من القضايا المماثلة (١٦١). وكان سعيد بن جبير يدون بعض الملاحظات، إذا اختلف الرأى فى قضية ما، لكى يسأل عبد الله بن عمر فيها (١٦٢) ولنعد بعد هذا إلى مناهج الأخذ أو التحمل نوضح ببعض الأمثلة الأنواع المختلفة التى عرفها التابعون. كانت حلقة الحديث تسمى فى عصر الزّهرى «مجالسة» (١٦٣) وساد الرأى أن قتادة (المتوفى ١١٨ هـ/ ٧٣٦ م) لم يسمع من أبى قلابة عبد الله بن زيد (المتوفى ١٠٤ هـ/ ٧٢٢ م) إلا بضع كلمات، وأن مروياته عنه لم تكن إلا بطريق الكتابة (أو الوجادة)، لأن أحد كتب أبى قلابة وقع فى يده (١٦٤) وسأل جرير بن حزم شيخه التابعى، أيوب السّختيانى (المتوفى ١٣١ هـ/ ٧٤٨ م) عن سبب بحث الناس عنه، ومعهم كتبهم يراجعها لهم مع أنه كان يرفض هذا من قبل. فأجاب الشيخ أنه لم يغير رأيه، فإذا كانوا قد نقلوا عنه مرة شيئا، فلعلهم يقدمون إليه ذلك ليصححه (١٦٥) وأحضر شعيب بن أبى حمزة (المتوفى ١٦٢ هـ/ ٧٧٩ م) كتابا إلى محمد بن المنكدر (المتوفى ١٣٠ هـ/ ٧٤٨ م) وسمح له أن يقرأ عليه، وأقر ابن المنكدر صحة قسم من محتواه وأنكر مواضع أخرى، وهنا أمر ابنه أو ابن أخيه أن ينسخه. وروى شعيب هذا الكتاب بعد ذلك، ولكن هذه الرواية لم


(١٥٩) انظر: مقدمة القسم الخاص بعلوم اللغة، وكذلك مقدمة التفسير فى هذا الكتاب.
(١٦٠) الأنساب للبلاذرى ١/ ٧١٥، ولسان الميزان لابن حجر ٦/ ١٤٨.
(١٦١) العلل لابن أبى حاتم ١/ ٣٠٧
(١٦٢) طبقات ابن سعد (بيروت) ٦/ ٢٥٨
(١٦٣) العلل لابن حنبل ١/ ١٣
(١٦٤) العلل لابن أبى حاتم ١/ ٢٠
(١٦٥) العلل لابن حنبل ١/ ٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>