للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تتداول بعد ذلك طويلا (١٦٦) وذكر يحيى بن سعيد (المتوفى ١٩٨ هـ/ ٨١٣ م) بأن سعيد بن أبى عروبة (المتوفى ١٥٦ هـ/ ٧٧٣ م) لم يسمع التفسير من قتادة (١٦٧)، فروايته إذن لم تكنّ سماعا. وذكر ابن جريج (المتوفى ١٥٠ هـ/ ٧٦٧ م) بأنه لم يسمع من الزهرى، فقد أعطاه كتابا، نسخه، فأجازه الزهرى روايته (١٦٨) وكانت مرويات صالح بن أبى الأخضر اليمانى (المتوفى ١٤٠ هـ/ ٧٥٧ م هـ ١٥٠ هـ/ ٧٦٧ م) عن الزهرى بعضها سماعا، وبعضها قراءة، وبعضها وجادة (١٦٩). وذكر أبو زرعة أن صالح بن أبى الأخضر قد تلقى عن الزهرى كتابين أحدهما قراءة والآخر مناولة، ثم خلط بينهما ولم يعد بوسعه أن يميز أحدهما عن الآخر (١٧٠) وذكر أحمد ابن حنبل أن الحكم بن عتيبة (المتوفى ١١٣ هـ/ ٧٣١ م) قد أخذ عن مقسم بن بجرة (المتوفى ١٠١ هـ/ ٧١٩ م) أربعة أحاديث سماعا، أما سائر مروياته فقد أخذها كتابة (١٧١). ويرى شعبة بن الحجاج (المتوفى ١٦٠ هـ/ ٧٧٦ م): أن روايات الحكم عن مجاهد كانت بطريق «كتابة»، / إلا ما قال: سمعت» (١٧٢). ذكر ابن جريج لراعيه سليمان بن مجالد أنه لا يعرف كيف يشكره حق الشكر وفى نظير ذلك أعطاه الكتب لينسخها، وكان قد أخذ بعضها عن التابعين سماعا، والبعض الآخر عرضا (١٧٣).

وفى ضوء بعض الأمثلة، نود هنا أن نصور ما أبداه التابعون من همة فى الكتابة، وكيف أنها كانت عادة معروفة فى زمنهم. حكى أحد معاصرى مجاهد أنه رأى البعض ينسخون التفسير عند مجاهد (١٧٤). وذكر الحسن بن محمد بن الحنفية حفيد على بن أبى طالب لصديقة زادان أنه ندم على أنه كتب كتابه فى «الإرجاء» وقال: لوددت أنى كنت


(١٦٦) العلل لابن أبى حاتم ٢/ ١٧٣
(١٦٧) التقدمة لابن أبى حاتم/ ٢٤٠
(١٦٨) التذكرة للذهبى ١٧٠
(١٦٩) العلل لابن حنبل ١/ ٢٣ والتهذيب لابن حجر ٤ - ٣٨٠
(١٧٠) التهذيب لابن حجر ٤/ ٣٨١.
(١٧١) التهذيب لابن حجر ٢/ ٤٣٤، ١٠/ ٢٨٨ - ٢٨٩.
(١٧٢) تاريخ البخارى ١/ ٢/ ٣٣٣، والتقدمة لابن أبى حاتم ١٣٠ والتهذيب لابن حجر ٢/ ٤٣٤
(١٧٣) العلل لابن حنبل ١/ ٣٤٩
(١٧٤) العلل لابن حنبل ١/ ٤٤

<<  <  ج: ص:  >  >>