للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مت ولم أكتبه» (١٧٥) ولم يكن هذا الندم بسبب الكتابة بل بسبب مضمون الكتاب وسنفصل القول فى هذا الموضوع فى الباب الخاص بالتدوينالتاريخى، فيروى أن الشعبى قال عن نفسه إنه لا يحتاج إلى كتابة مسودة مثل الآخرين، فهو يستطيع أن يدون كتابا فى الفتوح دون أن يستخدم مصادر مدونة (١٧٦). هذا وقد أوصى أبو قلابة عبد الله بن زيد (المتوفى ١٠٤ هـ/ ٧٢٢ م) أن ترسل كتبه من دمشق إلى أيوب السّختيانى (المتوفى ١٣١ هـ/ ٧٤٨ م). غير أنه لم يستطع بعد هذا أن يميز ما كان قد سمعه من أبى قلابة (١٧٧) وفى ذلك الوقت كانت هنا لك كتب موضوعة، وأخرى بها معلومات خاطئة.

عند ما رأى شعبة كتابا عند أبى هارون العبدى (المتوفى ١٣٤ هـ/ ٧٥١ م)، قال له إنه يضم أشياء غير مقبولة عن على بن أبى طالب. ولكن هارون دافع عن ذلك بأنها صحيحة (١٧٨) وظلت الأحاديث الموضوعة التى رواها أبان عن الصحابى أنس بن مالك متداولة برواية معمر فى القرن الثالث الهجرى. ورأى أحمد بن حنبل يوما فى صنعاء، أن يحيى بن معين نسخ تلك الصحيفة. فقال له أحمد: «تكتب هذه الصحيفة وتعلم أنها موضوعة، فلو قال لك قائل: أنت تتكلم فى أبان، ثم تكتب حديثه على الوجه؟ » فقال:

«نعم، أكتبها فأحفظها، وأعلم أنها موضوعة، حتى لا يجئ انسان بعده فيجعل لنا ثانيا» / (١٧٩) وغالبا ما يجد الإنسان معلومات عن استعارة الكتب فى ذلك الوقت، فقد استعار حميد الطويل (المتوفى ١٤٢ هـ/ ٧٥٩ م) مثلا كتب الحسن البصرى المتوفى ١١٠ هـ/ ٧٢٨ م، فنسخها وردها عليه (١٨٠). كما استعار الليث بن أبى سليم كتابا من حسن بن مسلم (توفى قبل ١٠٦ هـ/ ٧٢٤ م). وقال هرز أخو حسن بن مسلم لرجل: «اذا


(١٧٥) طبقات ابن سعد (بيروت) ٥/ ٣٢٨
(١٧٦) تذكرة الحفاظ للذهبى ٨٦
(١٧٧) المعارف لابن قتيبه ٢٢٨، قارن التذكرة للذهبى ٩٤
(١٧٨) التقدمة لابن أبى حاتم ١٤٩
(١٧٩) التهذيب لابن حجر ١١/ ٢٨٦
(١٨٠) طبقات ابن سعد (بيروت) ٧/ ٣٥٢، العلل لابن حنبل ١/ ١٥

<<  <  ج: ص:  >  >>