للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قدمت الكوفة فعرج على ليث بن أبى سليم، وقل له حتى يرد كتاب حسن بن مسلم فإنه أخذه منه (١٨١) وقص معمر بن راشد أنه نسخ كراستين حول المغازى عن التابعى عثمان الجزرى المعروف بعثمان المشاهد، استعيرا منه، ولم يعودا، ولم يكن يعير كتبه قبل ذلك (١٨٢).

ولنضف إلى ما قلناه بعض الأمثلة لاستخدام طرق الرواية وتطبيقها، فإن هذا يمكن أن يعين على إيضاح بعض الأمور الغامضة. لقد أراد البخارى- فيما يبدو- أن يلخص فى الباب الخاص بأنواع الرواية. كتاب النوادر «الذى ألفه أستاذه الحميدى (١٨٣)، فقد ذكر البخارى فيه أن الحسن البصرى، وسفيان الثورى، ومالكا عدوا «القراءة» أفضل الطرق (١٨٤) ومن الطريف أن نذكر الخبر التالى لما به من تفصيلات تتناول السماع عن الشيخ. فقد سئل أحمد بن حنبل عن شعبة (المتوفى ١٦٠ هـ/ ٧٧٦ م) أكان يملى أم يقرأ؟

فأجاب: بأن شعبة كان يقرأ. وكان متلقوا العلم ومن بينهم آدم ابن أبى إياس (المتوفى ١٢٥ هـ/ ٧٤٢ م- ٢٢٠/ ٨٣٥ م) وعلى النّسائى يكتبون. وأقر آدم هذا قائلا: «كنت أكتب عند شعبة وكنت سريع الخط، وكان الناس يأخذون من عندى»، ولما جاء شعبة إلى بغداد، حدث هناك فى أربعين مجلسا فى كل منها نحو مائة حديث، لم أحضر منها إلا عشرين مجلسا سمعت فيها ألفى حديث (١٨٥). ونريد أن نثبت بمزيد من الأمثلة، أن شعبة كان يلقى فى مجالسه اعتمادا على ما دون أى على الكتب وعلى الأحاديث المكتوبة- فى المقام الأول- وقلما كان يحفظ الكتب عن ظهر قلب، وقد ذكر أنه نسخ أحاديث الحسن البصرى (المتوفى ١١٠ هـ/ ٧٢٨ م) وكذلك التى رواها الحسن البصرى عن أنس بن مالك، ثم أعطاها له فقرأها عليه (١٨٦) وعند ما جاء شعبة إلى بغداد، أخذ معه كتبا


(١٨١) طبقات ابن سعد ٥/ ٤٧٩
(١٨٢) العلل لابن حنبل ١/ ٥.
(١٨٣) فتح البارى لابن حجر ١/ ١٣٧
(١٨٤) البخارى ١/ ٢٢.
(١٨٥) الجرح لابن أبى حاتم ١/ ٢٦٨، التهذيب لابن حجر ١/ ١٩٦.
(١٨٦) التقدمة لابن أبى حاتم ١٣٤

<<  <  ج: ص:  >  >>