للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورأى الواقدى بعد ذلك أن جريج- رغم هذا- يأخذ كثيرا من الأحاديث فى كتبه، مستخدما عبارة: «حدثنى أبو بكر بن عبد الله» (١٩٣). ويقال كذلك بأن مرويات الليث بن سعد (المتوفى ١٧٥ هـ/ ٧٩١ م) عن عبيد الله بن أبى جعفر (المتوفى ١٣٢ هـ/ ٧٤٩ م)، المؤرخ المصرى، كانت بطريق المناولة (١٩٤).

ويتضح من المثال الآتى وأمثلة كثيرة أخرى غيرها أنه عند السماع والقراءة كان ذلك يتم من الكتاب، فقد سئل أحمد بن حنبل من ابنه «أنت تقول: قرأت على عبد الرحمن عن مالك فهل سمع عبد الرحمن هذا أم قرأه» فرد ابن حنبل/ إن عبد الرحمن ذكر أنه أخذ كتاب الصلاة (فى الموطأ) عن مالك قراءة عليه، أما سائر الأبواب فقد قرئت على مالك من آخرين، وكان عبد الرحمن يقرأ معه أثناء ذلك فى نسخته (١٩٥).

وثمة مثال آخر نود أن نذكره لنبين أن الإملاء كان يقوم أساسا على نسخ مكتوبة حكى معاصر لأحمد بن حنبل، هو هارون بن معروف، قال: قدم علينا شيخ من الشام إلى بغداد، فكنت أول من بكر عليه، فسألته أن يملى على شيئا فأخذ الكتاب يملى (١٩٦).

وكل هذه الأخبار عن طرق التحمل واستخدامها تبين لنا، أنه فى النصف الأول من القرن الثانى للهجرة، وكذلك فى النصف الثانى من القرن الأول، لم يكن تحمل العلم بطرق «السماع» و «القراءة» وحدهما، بل استخدمت إلى جانب هذا وذلك أيضا «المكاتبة» و «المناولة» وغيرهما. وعلى كل حال فقد اعتبرت الطريقتان الأوليان أفضل الطرق، وسميتا: الرواية على الوجه (١٩٧)


(١٩٣) المعارف لابن قتيبة ٢٤٦
(١٩٤) التهذيب لابن حجر ٨/ ٤٦٢
(١٩٥) العلل لابن حنبل ١/ ٣٥٤.
(١٩٦) التهذيب لابن حجر ١١/ ٢٨٤.
(١٩٧) ذكر ابن سعد فى الطبقات (بيروت) ٧/ ٣٢٨ على سبيل المثال: عبيد الله بن عبيد الرحمن (المتوفى ١٨٢ هـ/ ٧٩٨) روى كتب الثورى على وجهها وروى عنه الجامع .. » وهناك مثال آخر ذكره الخطيب البغدادى فى (تاريخ بغداد ٤/ ١٦٣) عن المؤرخ أحمد بن أبى خيثمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>