للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبقدر ما نستطيع اليوم أن نتعرف فى الأسانيد الواردة فى الكتب الجامعة على المؤلفين الذين وصلت إلينا كتبهم إلى اليوم، أو بقدر ما تعيننا معلومات أخرى فى هذا الصدد، كذلك نستطيع أن نتعرف على مؤلفى المصادر المستخدمة عن طريق الإسناد.

ولكن الأسانيد المفردة لا تتضمن إشارات خاصة بهذا إلا نادرا، وذلك كما فى الإسناد «حدثنا مسلم بن إبراهيم، حدثنا عبد الله بن المبارك» حيث تفيد هنا الملاحظة الآتية: «هذا الحديث ليس بخراسان فى كتاب ابن المبارك أملاه عليهم بالبصرة» (٢٦٢) أن البخارى قد استخدم كتابا لشيخه مسلم بن إبراهيم يعتمد على كتاب لعبد الله بن المبارك. وعن طريق سؤال إبراهيم بن أبى طالب إلى مسلم: «كيف استجزت الرواية عن سويد بن سعيد (المتوفى ٢٤٠ هـ/ ٨٥٤ م) فى الصحيح؟ » وإجابته: «ومن أين كنت آتى بنسخة حفص بن ميسرة (٢٦٣)» ندرك أن الإسناد: سويد بن سعيد عن حفص بن ميسرة إلخ ... يشير فى صحيح مسلم إلى كتاب حفص بن ميسرة (المتوفى ١٨٠ هـ/ ٧٩٦ م). وعلى نحو مشابه:

توضح لنا الملاحظة الآتية عن أسانيد ترجع: إلى يحيى بن كثير (المتوفى ١٢٩ هـ/ ٧٤٦ م) وكتبه. قال أبو داود السجستانى (المتوفى ٢٧٥ هـ/ ٨٨٨ م): على بن المبارك (المتوفى حوالى ٢٠٠ هـ). كان عنده كتابان ليحيى بن كثير: أحدهما كتاب سماع والآخر كتاب إرسال/ «قلت لعباس العنبرى (المتوفى ٢٤٦ هـ/ ٨٦٠ م): كيف كان كتاب الإرسال؟ قال: الذى كان عند وكيع، وسنده عن على عن يحيى عن عكرمة، وكان الناس يكتبون كتاب السماع مكاتبة» (أى يشيرون إلى ذلك بعبارة «كتب إلىّ») (٢٦٤) وعلى العكس من هذا، فإن الاسناد الآتى: «حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا عبد الواحد بن زياد عن الأعمش قال: سمعت أبا صالح يقول: سمعت أبا هريرة» لا يتضمن أية إشارة نستطيع أن نثبت منها اسم مؤلف الكتاب الذى استخدمه البخارى. وفى الإسناد: «حدثنا إسماعيل، حدثنا مالك عن ربيع بن أبى عبد الرحمن عن يزيد بن خالد»، نستطيع أن نفترض أن البخارى أفاد هذا الإسناد من كتاب الموطأ لمالك، ونتحقق من وجود النص فعلا فى الموطأ. وهذا


(٢٦٢) البخارى ٣/ ١٣٠.
(٢٦٣) التهذيب لابن حجر ٤/ ٢٧٥.
(٢٦٤) سؤالات الآجرى ١٥ ب، تهذيب التهذيب لابن حجر ٧/ ٣٧٦، انظر ما كتبه سزكين فى كتابه عن مصادر البخارى Sezgin ,Buh.Kayn ,١٦

<<  <  ج: ص:  >  >>