للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحالات كل أسماء الرواة، وكان يقول على سبيل المثال: «قال ابن عباس» ثم يأتى بالنص. ويطلق على هذا العمل فى مصطلح الحديث اسم «التعليق». ولا نستطيع هنا أن نفصل القول فى الجامع الصحيح للبخارى (٢٦٠). ولكنه ربما يبدو من هذه الاشارات نفسها فى وضوح بما فيه الكفاية، أن الاسناد لم يبلغ أكمل تطور له عند البخارى.

لقد حاولنا حتى الآن أن نثبت عن طريق معلومات وعبارات وصفية مختلفة فى كتب علم مصطلح الحديث أن الأسانيد لا تشير بحال من الأحوال إلى مرويات شفوية، بل تذكر مؤلفى الكتب ورواتها الثقات بأسمائهم. ولدينا اليوم إمكانيات كثيرة لإثبات صحة هذا الرأى فى ضوء المصادر المبكرة التى وصلت إلينا فيمكن أن نثبت مثلا أن الطبرى عند ما يذكر فى تاريخه الإسناد التالى: «حدثنا ابن حميد قال: حدثنا سلامة، قال:

حدثنا ابن إسحاق» كان يقتبس دائما اقتباسا حرفيا من كتاب المغازى لمحمد بن إسحاق. وعند ما يذكر الطبرى فى تفسيره للقرآن: «حدثنا محمد بن عمرو الباهلى، قال:

حدثنا أبو عاصم النبيل، قال: حدثنا عيسى بن ميمون عن ابن أبى نجيح عن مجاهد كان يقتبس من تفسير القرآن الذى وصل إلينا/ من تأليف مجاهد. ونستطيع أن نثبت اعتمادا على الأسانيد ما نقلته الكتب الفقهية المتأخرة عن موطأ مالك على وجه التقريب ويمكن أن نثبت فى المجال الأدبى أن كتاب الأغانى يقتبس مثلا عن طريق الإسناد: «أخبرنى أبو خليفة الفضل بن الحباب فيما كتب إليه عن محمد بن سلام»، أو: «أخبرنى أبو خليفة اجازة عن محمد بن سلام»، من طبقات الشعراء للجمحى عن طريق الإسناد: «على بن سليمان ومحمد بن العباس اليزيدى عن السكرى عن ابن حبيب (٢٦١)» من النقائض لأبى عبيدة، وعن طريق الإسناد: حدثنا إبراهيم بن أيوب عن عبد الله بن مسلم»، من كتاب الشعر والشعراء لابن قتيبة. ونستطيع بدراسة مقارنة لأقدم كتب الحديث التى وصلت إلينا بمجموعات الحديث المتأخرة أن نتأكد من كون الأسانيد تشير إلى اقتباسات من مؤلفات مدونة، ويمكن أن نثبت- فوق هذا وذاك- أن ترتيب المواد والتبويب فى الكتب المتأخرة يرجع فى معظمه إلى الكتب المبكرة التىاقتبس منها.


(٢٦٠) انظر سزكين فى كتابه عن مصادر البخارى Sezgin ,Buh.Kayn ٨٣ - ١٠٧ ..
(٢٦١) انظر مثلا: كتاب الأغانى (دار الكتب) ١١/ ١٢٤، ١٥/ ٣٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>