للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهناك بضع مصطلحات تصف «الوجادة»، وتعنى الاقتباس من كتاب موثوق استخدم كنسخة بخط المؤلف أو برواية مشهورة- وهذه المصطلحات ذات أهمية كبرى فى تاريخ التأليف. وهى تدور هنا حول تعبيرات مثل «قال، ذكر، وجدت» (٢٥٥). وترد صيغ أخرى مثل «حدّثت، ؟ أخبرت، روى».

وفى القرن الأول للهجرة يبدو أن مصطلح «حدّثت» كان مستخدما بالفعل، فقد استخدمه الطبرى للمصادر التى أخذ عنها بطريق الوجادة (٢٥٦)، والمرجع أن الطبرى قد أدخل- على هذا النحو- فى تفسيره وتاريخه/ معلومات بضع مئات من المصادر (٢٥٧). فإن كان مؤلف الكتاب المستخدم يرجع إلى زمن أقدم، فإن مصطلح «حدّثت» يأتى سابقا لرواية الكتاب فى بضع مئات من الأسانيد. مثال ذلك «حدّثت عن عمّار بن الحسن، قال: حدثنا عبد الله بن أبى جعفر عن أبيه عن ربيع بن أنس» (٢٥٨) وهو يوضح أن المقصود بذلك كتاب ربيع فى تفسير القرآن، أما إذا استخدم كتاب مؤلف متأخر مثل هشام بن الكلبى بطريق «الوجادة»، فيظهر الاقتباس مسبوقا بعبارة «حدثت عن هشام بن محمد» (٢٥٩).

وفى تاريخ الرواية الإسلامية يعتبر البخارى أول من ذكر أكثر المرويات دون إسناد، فقد أورد بجانب ١٣٤١ حديثا عددا كبيرا من المقتبسات عن الكتب اللغوية والتاريخية وغيرها مصدرة بتعبيرات مثل: «قال، ذكر، روى». ويختلف ما أخذه البخارى اختلافا تاما عما أخذه الطبرى وسائر المحدثين والمؤرخين. فقد حذف فى مثل هذه


(٢٥٥) تدريب الراوى للسيوطى ١٤٨ - ١٤٩.
(٢٥٦) يرجع أقدم استخدام عرفناه للكلمة إلى عطاء بن أبى رباح (٢٧ هـ/ ٦٤٧ م- ١١٤ هـ/ ٧٣٢ م). انظر: التقدمة لابن أبى حاتم ٢٣٨.
(٢٥٧) أثبت هورست استخدام كلمة «حدّثت» عند الطبرى، ووصفها بأنها غير محددة، فلم يستطع التوصل إلى معناها الدقيق، وذلك فى دراسات له عن رواية تفسير الطبرى
H. Horst, Zur Uberlieferungin Korankommentarat- Tabaris, in: ZDMG ١٠٣/ ١٩٥٣/ ٢٩٠ - ٣٠٧
(٢٥٨) الطبرى ١/ ١٢٥
(٢٥٩) مثلا: الطبرى ١/ ٤٣٤

<<  <  ج: ص:  >  >>