للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«حدثنا» «أخبرنا»، «سمعت» ... إلخ وبالرغم من قدم هذه المصطلحات، فيبدو أنه لم يكن ثمة اتفاق فى استخدامها، فقد اعتاد بعض المحدثين فى حالة النقل بطريق السماع أن يقولوا «سمعت» واعتاد البعض الآخر أن يقولوا «حدثنا» أما إذا كان النقل بطريق القراءة كانوا يقولون «أخبرنا». وفى النصف الثانى من القرن الثانى للهجرة كانت الأغلبية تفضل «أخبرنا» فى كلا النوعين. إلا أنه كان عليهم أن يوضحوا صراحة ما إذا كان السامع وحده أو مع آخرين فى حلقة الحديث. وقد سئل الأوزاعى مرة من تلميذ له، كتب عنه أحاديث كثيرة، عما ينبغى له أن يستخدم من المصطلحات فقال الأوزاعى: ما قرأته عليك وحدك قل فيه «حدثنى»، وما قرأته على جماعة أنت فيهم فقل فيه «حدثنا»، وما قرأته علىّ وحدك فقال فيه «أخبرنى»، وما قرئ على جماعة أنت فيهم فقل فيه «أخبرنا»، وما أجزته لك وحدك فقل فيه «خبرنى»، وما أجزته لجماعة أنت فيهم/ فقل فيه «خبّرنا» (٢٥٢) وفوق هذا كله فقد عبروا عن الأخذ بطريق القراءة أحيانا بعبارة «قرأت» ونادرا بعبارة «أنبأنا» أو «نبّأنا»، وعن الأخذ بطريق الإجازة بعبارة «أجاز». وقد سبق أن ذكرنا، أنه قد عبر عن الأخذ بطريقة «الكتابة» بعبارة «كتب إلىّ»، أو عبارة «من كتاب».

ويأتى حرف الجر «عن» فى الأسانيد غالبا بدون فعل. وتذكر كتب علم مصطلح الحديث وهو ما تؤيده الدراسة الحديثة للإسناد أيضا أن حرف الجر وحده يؤدى وظيفتين مختلفتين: فهو يعبر عن الرواية بطريق الإجازة من جانب، كما ينبه إلى عدم اتصال الإسناد من الجانب الآخر. فعبارة «قرأت على فلان عن فلان» - تعنى مثلا: قرأت عند فلان الذى كان لديه إجازة (٢٥٣)، والوظيفة الثانية نجدها فى الإسناد «قال: حدثنا وكيع عن على بن المبارك عن يحيى بن معاذ بن جبل». وهنا تربط كلمة «عن» الثانية بين اثنين من المحدثين توفى أحدهما بعد الآخر بمائة وخمسين عاما. ويطلق فى علم مصطلح الحديث على هذا الحديث اسم «المقطوع» أو «المرسل»، أى أنه ذو إسناد غير متصل. وهذا من ناحية تاريخ التأليف يعنى استخدام كتاب غير كامل الإسناد كما يقول المحدثون (٢٥٤).


(٢٥٢) الكفاية للخطيب البغدادى ٣٠٢
(٢٥٣) انظر: تدريب الراوى للسيوطى ٧٤
(٢٥٤) العلل لابن أبى حاتم ٢/ ٢٥٥

<<  <  ج: ص:  >  >>