للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسلم، أنه سأله عن الإثم والبر، فلم أجد لهما أصلا فى كتابه (٢٤٦). واعتبر عبد الله بن لهيعة (المتوفى ١٧٤ هـ/ ٧٩٠ م) محدثا ضعيفا بصفة عامة، واعتقد البعض أن مروياته كانت سليمة قبل أن تحترق كتبه. ولاحظ أبو زرعة فى هذا: «أن سماع الأوائل والأواخر منه سواء إلا ابن المبارك وابن وهب كانا يتبعان أصوله (٢٤٧)» والمقصود بهذا أن كل ما روى عنه ضعيف إلا ما رواه عبد الله بن المبارك وابن وهب فقد كانا يدققان فى مصادره/ وقال أبو زرعة عن حديث جاء بالإسناد التالى: «حمّاد ونعيم عن بقيّة عن يحيى ابن سعيد»، إن هذا الحديث ليس عندهم بحمص فى كتببقية (بن الوليد المتوفى ١٩٧ هـ/ ٨١٢ م) (٢٤٨). وهذه الأمثلة ترد كثيرا فى كتب السنّة وعند البخارى الذى نبّه فى حديث ورد بالإسناد: «حدثنا مسلم بن إبراهيم، حدثنا عبد الله بن المبارك» على أن هذا «الحديث» ليس فى نسخة خراسان من كتاب عبد الله بن المبارك، وكان قد أملاه على مسلم بن إبراهيم وأصحابه بالبصرة (٢٤٩)». ومن هذا يتضح أن البخارى قد استخدم كتاب مسلم بن إبراهيم (المتوفى ٢٢٠ هـ/ ٨٣٥ م)، ومصدره كتاب عبد الله بن المبارك (٢٥٠).

وبعد أن وصفنا أنه قد وجدت منذ البداية كتب مدونة، وأن الأسانيد تشير إلى نصوص مدونة، فلا بد أن نناقش بعض القضايا الأخرى، وبخاصة دلالة بعض المصطلحات الفنية. ونهتم هنا- فى المقام الأول- بالعبارات الواردة فى سلاسل الإسناد، التى تشير فى واقع الأمر إلى مصادر مدونة حتى ولو بدا لأول وهلة أنها تدل على الرواية الشفوية. وترجع نشأة هذه المصطلحات إلى النصف الثانى للقرن الأول من الهجرة (٢٥١)، ويطلق عليها فى كتب علم مصطلح الحديث اسم «ألفاظ»، ونص هذه المصطلحات:


(٢٤٦) العلل لابن أبى حاتم ٢/ ٢٣٩ - ٢٤٠
(٢٤٧) ميزان الاعتدال للذهبى ٢/ ٦٥
(٢٤٨) العلل لابن أبى حاتم ١/ ٤٢٠
(٢٤٩) البخارى ٣/ ١٣٠، انظر: فتح البارى لابن حجر ٥/ ٧٦، انظر: ما كتبه سزكين فى دراسته لمصادر البخارى Sezgin ,Buh.Kayn ٥٦ - ٥٧
(٢٥٠) انظر سزكين فى المرجع السابق ٢٨٢.
(٢٥١) انظر هوروفتس: أصل الإسناد
Horovitz, Alterund Ursprungdes Isnad, in: Islam ٨/ ١٩١٨/ ٣٩ ff

<<  <  ج: ص:  >  >>