للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الشفوية (٤). وثمة بون شاسع بين رأى شبرنجر المحدد المعالم فى أن مصادر الطبرى لم تكن سوى كتب (مدونة) دون غيرها، وبين الموقف غير الواضح/ الذى اتّخذه محرر مادة الطبرى فى دائرة المعارف الإسلامية بعد ذلك بنحو خمسة وستين عاما (٥)، والذى على أساسه يكون الطبرى قد استمد مادته تارة عن طريق الرواية الشفوية وتارة أخرى عن طريق المصادر المدوّنة.

وهناك مثال آخر أكثر وضوحا تقدمه لنا المقارنة بين تقييم المادة عند هو روفتس وعند سوفاجيه. ففى مقال هوروفتس «أقدم كتب السيرة ومؤلفوها» (٦) الذى يعدّ أحسن ما كتب فى هذا الموضوع يستند المؤلف إلى أن الكتب التى وصلت إلينا تضم كتبا سبقتها حول حياة الرسول وتذكرها مصادر لها، وقام المؤلف بإعادة بناء هذه الكتب الأقدم اعتمادا على بقايا التى تظهر فى المصادر المتأخرة ظاهريا كما لو كانت روايات شفوية. أما سوفاجيه (٧) فيرى أن كل مواد الكتب التى وصلت إلينا إنما هى من مصادر شفوية، وبناء على ذلك فالمؤرخ مضطر اليوم إلى تجميع بحثه لتاريخ القرون الأولى من معلومات لا قاعدة لها تعتبر وليدة المصادفة فى كثير أو قليل.

وهذا التضارب والغموض حول بدايات العلوم الإسلامية ملاحظ فى كل المجالات باستثناء الموسيقى، فقد شاء الحظ لها أن تبحث بعيدا عن الأحكام المتحيزة التى جرى العرف عليها (فى الغرب). فيرى فارمر- وهو العالم الكبير فى هذا المجال- أنه من الطبيعى أن يكون يونس الكاتب الذى عاش فى العصر الأموى قد ألّف كتبا فى القيان


(٤) نفس المرجع ص ٢٤٥
(٥) انظر: دائرة المعارف الإسلامية، الطبعة الأوربية الأولى، المجلد E.I.,IV ,٦٢٦: ٦٢٦ /٤
(٦) انظر: يوسف هوروفتس، كتب السيرة الأولى ومؤلفوها
J. Horovitz, The Earliest Biographiesofthe Prophetandtheir Authors. In: Isl. Cult. ١/ ١٩٢٧/ ٥٣٥ - ٥٥٩, ٢/ ١٩٢٨/ ٢٢ - ٥٠. ١٦٤ - ١٨٢, ٤٩٥ - ٥٢٦.
وترجم هذا البحث الأستاذ الدكتور حسين نصار بعنوان: المغازى الأولى ومؤلفوها، القاهرة ١٩٥٢
(٧) انظر: سوفاجيه، مدخل إلى تاريخ الشرق الإسلامى، باريس ١٩٤٦ ص ٣١.
Sauvaget, Introductional'h istoiredel'Onent Musulman, Paris ١٩٤٦, S. ٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>