للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والألحان، بقيت لنا قطع منها فى كتاب الأغانى، بينما يجد المرء لزاما عليه وهو يقرأ كتاب بلاشير (٨) أن يشك فى أن اللغويّين المفضّل الضبّى (المتوفى ١٧٠ هـ/ ٧٨٦ م)، وابن الأعرابى (المتوفى ٢٣١ هـ/ ٨٤٤) قد ألّفا كتبا وحتى فى كتاب بروكلمان نفسه الذى اتخذناه منطلقا لهذا الكتاب يتضح جليّا تأثير هذه الآراء المتناقضة، فكل أحكامه تقريبا حول المؤلفات الأولى فى كل فرع من فروع التأليف لا بدّ من تصحيحها ولا بدّ من إرجاع زمن بداية تأليف الكتب إلى فترة أقدم بكثير.

وهذا المفهوم الخطأ الغريب الذى ذكرناه هو نتيجة لسوء فهم الرواية الإسلامية ذات الشكل المتميّز الفريد (انظر مقدمة الفصل الخاص بالحديث) (٩) فمن الحقائق المعروفة بصفة عامة أن أقدم المصادر/ التى وصلت إلينا وندين لها بما نعرفه عن القرون الأولى للإسلام وعن التطور العلمى فى ذلك الوقت، تقدم لنا مادتها- فى الأغلب الأعمّ- مصحوبة بأسانيدها التى نشأ لبحث خصائصها المتميّزة علم خاص من علوم الحديث.

وبالفعل فمنذ مائة عام كان شبرنجر قد شكا من أن هذا التخصص من العلوم الإسلامية «لم يحظ بالاهتمام اللائق ولم يفهم إلا عند قلة من المتخصصين فى الدراسات الشرقية» (١٠) ومنذ ذلك الوقت بحثت قضايا جزئية فى هذا العلم، ولكن الأهمية الحقيقية لسلاسل الإسناد فى المصادر بقيت- بصفة عامة- غير معروفة.

وقد ذكرنا عدة تفصيلات وحججا وافية فى القسم الخاص بعلم الحديث فى هذا الكتاب، إلّا أنه لكى نستطيع أن نعرض فى إيجاز لتطور التدوين التاريخى عند العرب فلا بدّ لنا هنا من طرح هذه القضية مرة أخرى.

ربما كانت هذه بالفعل عادة فى العصر الجاهلى وهى أن تروى الكتب. أمّا السؤال، فى أىّ وقت ينطبق ذلك على تدوين التاريخ، فهذا ما سيبقى دائما غير معروف لنا. فلدينا


(٨) انظر: بلاشير، تاريخ الأدب العربى Blachere ,Litterature ١٠٠ ,١١٦.:
(٩) سبقت فى هذا الجزء
(١٠) انظر مقالة شبرنجر فى مجلة المستشرقين الألمان SPrenger ,in: ZDMG ١٠ /١٨٥٦ /١:

<<  <  ج: ص:  >  >>