للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حدثنى الزهرى، ويزيد بن رومان عن عروة بن الزبير». فالنص الذى نقله الطبرى بهذا الإسناد يرجع آخر الأمر إلى كتاب «المغازى» لعروة. وهذا النص كان قد نقله الطبرى عن الواقدى (٣٠) وابن هشام (٣١) فأخذه الطبرى عن المغازى لابن إسحاق. فالأسماء الواردة إذن بين الطبرى وابن إسحاق هى أسماء الرواة الذين تلقى الطبرى حق رواية كتاب ابن إسحاق عن طريقهم.

وعن طريق بحث أسانيد أخر عند الطبرى نستطيع أن نثبت أن ابن إسحاق قد استخدم لهذا النص كتابى المغازى ليزيد بن رومان والزهرى، وقد اعتمدا بدورهما على المغازى لعروة. فإذا عادت بنا الأسانيد إلى مصدر وصل إلينا فإن ذلك يثبت صدق هذا بطريقة عملية. فبحث الاقتباسات المأخوذة من كتاب فى الحديث لأحد التابعين وتتبعها فى كتب عدة أجيال، حتى نرجع بها إلى المجموعات الفقهية المعروفة فى القرن الثالث الهجرى، يثبت لنا صدق هذه الملاحظة، كما سبق أن أوضحنا (٣٢) كما أن أقدم كتب التفسير القرآنى التى وصلت إلينا تمكننا من تعزيز صحة هذا الرأى بالشواهد.

ومراعاة لاختلافات النصوص فى المصادر المختلفة كان أكثر المؤلفين يأخذون أخبار الحدث الواحد من جملة مصادر، وكان هذا شأن الطبرى على سبيل المثال، بينما كان بعض المؤلفين من أمثال الواقدى يستخدمون للخبر الواحد عدة مصادر، غير أنهم كانوا يضمّون كل الأسانيد فى أول الكلام مع عبارة «دخل حديث بعضهم فى حديث بعض» (٣٣) فإذا قطعوا الخبر المروى كانوا يلفتون نظر القارئ إلى استمرار الخبر من نفس المصدر وذلك بذكر كلمة: «وقالوا» (٣٤)، أو «قالوا بالإسناد الأول» / (٣٥) فإذا لم يتيسّر- لأسباب مختلفة- الحصول على حق رواية كتاب بعينه، فمن الطبيعى أنه لا يجوز لأحد


(٣٠) المغازى ٧ - ٩.
(٣١) السيرة ٤٢٤ - ٤٢٥.
(٣٢) انظر ص ٨١/ ٨٢ من القسم الخاص بعلم الحديث من هذا الكتاب.
(٣٣) انظر على سبيل المثال طبقات ابن سعد (طبعة بيروت) ١/ ٢١٤، ٢٥٨، ٢/ ٥.
(٣٤) انظر على سبيل المثال طبقات ابن سعد ١/ ٢٥٩ - ٢٨٧.
(٣٥) نفس المرجع ١/ ٢٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>