للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

البرديات العربية القديمة إلى نفس النتائج. (٨٨) أثبت هوروفتس أن رواد التأليف فى الموضوع هم: أبان بن عثمان، وعروة بن الزبير، وشرحبيل بن سعد، ووهب بن منبّه، وهؤلاء جميعا من قدامى التابعين. فإذا سلّمنا بأنه قد وجد فى زمن هؤلاء المؤلفين مثل هذا النشاط من التأليف، وإذا ما اتضحت لدينا الظروف التى نشأت فيها المؤلفات الأولى، فإننا سوف نجد أنفسنا أمام إشارات ترجع بنا إلى فترة أسبق.

وقد ناقشنا بالتفصيل فى «باب الحديث» بناء على عدد كبير من الأخبار الحقيقة الواقعة وهى أن صحابة الرسول كان لديهم حس تاريخى، فكانت المعارف والذكريات تدوّن من الذاكرة على الورق، حتى تبقى بعد وفاة مدونيها (٨٩)./ لقد كان النزوع إلى جمع المعارف وحفظها من الضياع متعدد الجوانب، بدأ فى فترة كان فيها عدد كبير من الصحابة لا يزالون على قيد الحياة. ونود الآن أن نغض الطرف عن الجهود المرتبطة ارتباطا مباشرا بحياة الرسول، أو بفعله (٩٠)، أو سننه (٩١) نقتصر على العوامل التى توضح نشأة التأليف فى المغازى.

من مصادر الواقدى كتاب بخط مؤلفه الصحابى سهل بن أبى حثمة الأنصارى.

وكان الكتاب فى حوزة حفيده أو حفيد حفيده محمد بن يحيى بن سهل (سيأتى ذكره فيما بعد). كان سهل أحد متأخرى الصحابة فقد ولد سنة ٣ هـ/ ٦٢٤ م. وربما أخذ الواقدى فى


(٨٨) انظر: نبيهة عبود.
N. Abbott, Studiesin Arabic Literary Papyri I, Historical Texts, Chicago ١٩٥٧.
(٨٩) فقد أراد الخليفة عمر بن الخطاب أن تجمع سنن الرسول. وبعد تفكير طويل رغب عن ذلك خوفا من أن يشغل الناس بذلك عن القرآن (ابن سعد- بيروت- ٣/ ٢٨٧). ونسب البعض لأحد أتباع أبى موسى الأشعرى خوفهم من أن يموت أبو موسى دون أن تكون أحاديثه قد دوّنت، فكان عليه أن يكتبها (المرجع السابق ٤/ ١١٢).
وكان مروان بن الحكم (المتوفى ٦٥ هـ/ ٦٨٥ م) أثناء ولايته على المدينة فيما يرجح، قد استقدم زيد بن ثابت (المتوفى ٤٥ هـ/ ٦٦٥ م) ووجه إليه أسئلة، وكان هناك كتّاب خلف ستار يدوّنون الإجابة عنها. وعند ما لا حظ هو ذلك اعتذر بأنه إنما يقول برأيه الشخصى (المرجع السابق ٢/ ٣٦١).
(٩٠) ذكر ابن سعد فى الطبقات ٢/ ٢/ ٣٧١، «رأيت عبد الله بن عباس معه ألواح يكتب عليها عن أبى رافع شيئا من فعل رسول الله.
(٩١) انظر الطبقات لابن سعد (بيروت) ٣/ ٢٨٧، ٨/ ٤٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>