للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كثيرا فى كتب الطبقات وكتب الفقه. وأول من يمثل هذا المبدأ الفقهى هو الصحابى عبد الله بن مسعود (المتوفى ٣٢ هـ/ ٦٥٣ م). وأقدم من جاء بعده علقمة بن قيس (المتوفى ٦٢ هـ/ ٦٨١ م) والأسود بن يزيد (المتوفى حوالى ٧٥ هـ/ ٦٩٤ م). ومن مدرسة الرأى أيضا حماد بن أبى سليمان (المتوفى ١٢٠ هـ/ ٧٣٨ م). فى العراق وقد التقى حوله عدد كبير من التلاميذ، وربيعة بن أبى فرّوخ التّيمى (المتوفى ١٣٦ هـ/ ٧٥٢ م) فى المدينة الملقب مدحا له بربيعة الرأى. وأبرز تلاميذ حمّاد بن أبى سليمان هو أبو حنيفة، وأهم تلاميذ ربيعة الرأى هو مالك. وقال مالك يوم دفن أستاذه بأن النظر الفقهى قد انتهى يوم حمل ربيعة إلى قبره (شرح الموطأ للزرقانى. (Goldziher ,Muh.stud.II ,٨٠، ٤٤ /٣

والحقيقة التى كانت معروفة وقتئذ أنّ المدرسة التى نسبت فيما بعد لأبى حنيفة ما هى إلّا امتداد لهذه الفترة المبكرة، وهناك عبارة هامة كل الأهمية بالنسبة لتاريخ الفقه الإسلامى ذكرها الجاحظ فى «كتاب التوحيد» - وهو كتاب مفقود- تقول هذه العبارة بأن ثمامة المعتزلى (المتوفى ٢١٣ هـ/ ٨٢٨ م) ذكر فى كتابه الذى ألفه فى نقد أبى حنيفة أنه لم يقصده أصلا، بل قصد به انتقاد عبد الله بن مسعود وعلقمة والأسود، لأنهم هم الذين طبقوا مبدأ الرأى قبل أبى حنيفة (انظر الدرجات الرفيعة لابن معصوم ٢٦).

وينبغى ألا ننسى هنا أن نشير إلى تصور غير صحيح، /، إذ يرى البعض أن أصحاب الحديث كانوا يكونون مجموعة معارضة لأصحاب الرأى، وأن أصحاب الحديث كانوا يجدون ثغرات فى مادة الحديث فيضعون الأحاديث ويؤلفون الأقاصيص لسد هذه الثغرات. وأن أصحاب الرأى كانوا ضد تدوين الأحاديث، وألفوا فى ذلك أقاصيص تؤيد آراءهم (انظر Goldziher ,Muh.stud.II ,٧٨ - ٧٩: ويرجع سبب هذا التصور إلى عدم المعرفة بمصطلح «كتابة الحديث» وهو ما سبق أن ناقشناه تفصيلا فى مقدمة الباب الخاص بالحديث، فالأخبار والأقاصيص التى تذكر فى كتب الحديث ليست ضد كتابة الحديث، ولكنها ضد روايته بطريقة الكتابة. وفضلا عن هذا فليس هناك من دليل على الزعم القائل بأن هذه الأخبار والأقاصيص من اختراع أنصار مدرسة الرأى.

وقد نبّه محقق كتاب «تقييد العلم» إلى خطأ الرأى القائل بأن أنصار مدرسة الرأى كانوا

<<  <  ج: ص:  >  >>