للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومعروف أن ابن النديم لم يكن على معرفة بكل الكتب العربية التى وجدت آنذاك.

ومع هذا كان من الممكن أن نوافق ابن النديم فى هذا الزعم، لو لم تكن المؤلفات المتأخرة قد ذكرت آراء كثيرة منسوبة لربيعة الرأى ولو لم تصفه المصادر بأنه عالم، ولم لم يكن كثيرون من معاصريه وسابقيه من أصحاب الكتب.

وبالتالى فلا بد من أن يحاول المؤرخ أن يبحث عن بضع إشارات فى كتب الفقه توضح ذلك.

ولما كان ربيعة أستاذا لمالك، فإن كتب فقه المالكية تعدّ أفضل المصادر لبحث ذلك، فالمدوّنة تضم مادة غزيرة لا لربيعة الرأى وحده، بل لكل الفقهاء المبكرين الآخرين.

وهناك قسم كبير من مادة «المدونة» يرجع إلى موطأ عبد الله بن وهب (المتوفى ١٩٧ هـ/ ٨١٣ م) فقد أفاد مؤلف المدونة- عن مؤلفين تقدموا عليه، تارة عن طريق مصادر أخرى وتارة على نحو مباشر، وعلى هذا النحو الأخير نقلت آراء ربيعة. فهناك موضع نجد فيه مؤلف المدونة يحاول شرح رأى مأخوذ عن ابن وهب وأبى الزناد فرجع إلى كتاب لربيعة وبحث فيه، وذكر الباب الذى رجع إليه من الكتاب (انظر المدونة ١/ ٢٩) بقوله:

«وقد قال ربيعة فى أول الكتاب فى تبعيض الغسل». وقد ذكر الكتاب على نحو يفترض معرفة القارئ به وباعتباره مصدرا لكل الاقتباسات المماثلة عن ربيعة.

وبخصوص مصادر موطأ مالك يمكن أن نذكر مثالا، فمالك لم يذكر عموما المصادر التى استخدمها باستثناء ما ورد ذكره من المدونات القديمة فى المصادر التى أخذ عنها. (٧) ونادرا ما يعيننا/ الشراح فى التعرف على المصادر التى ارتبطت بأسماء الرواة ففى الإسناد «عن الثقة عنده، عن بكير بن عبد الله بن الأشج، عن بسر .. » إلخ (٨) حاول الشراح أن يتعرفوا على ما أشير إليه هنا بكلمة «الثقة»، دون التصريح باسمه، وقالوا فى هذا بأن مالكا أخذ هذا النص من كتب بكير بن عبد الله برواية ابنه مخرمة (انظر تجريد


(٧) مثلا: «أن معاوية كتب إلى زيد بن ثابت يسأله عن الجد فكتب إليه زيد بن ثابت ... » (انظر الموطأ، فى: ميراث الجد).
(٨) انظر الموطأ، فى: (الاستئذان).

<<  <  ج: ص:  >  >>