للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإذا نكلت لم يكن لأيمانه ما يعارضها، فعملت عملها، وقواها نكول المرأة، فحكم عليها بأيمانه ونكولها.

فإن قيل: فكان من الممكن أن يبدأ بأيمانها، فإن نكلت حلف الزوج وحُدَّت، كما إذا ادعي عليه حقًّا، فنكل عن اليمين، فإنها ترد على المدعي، ويقضي له، فهلا شرع اللعان كذلك والمرأة هي المدعى عليها؟ بل شرعت اليمين في جانب المدعي أولا، وهذا لا نظير له في الدعاوى.

قيل: لما كان الزوج قاذفًا لها كان موجب قذفه أن يحد لها، فمكن أن يدفع الحد عن نفسه بالتعانه، ثم طولبت هي بعد ذلك بأن تقر أو تلاعن. فإن أقرت حدت، وإن أنكرت والتعنت درأت عنها الحد بلعانها، كما له أن يدرأ الحد عن نفسه بلعانه.

وكانت البداءة به أولى؛ لأنه مدع، وأيمانه قائمة مقام البينة. ولكن لما كانت دون الشهود الأربعة (١) في القوة مكنت من دفعها بأيمانها. فإذا أبت أن تدفعها ترجح جانبه، فوجب عليها الحد، فلم تحد بمجرد التعانه (٢)، ولا بمجرد نكولها، بل بمجموع الأمرين. وأكدت أيمانهما (٣) بكونها أربعًا، كما أكدت أيمان المدعين في القسامة بكونها خمسين، ولتقوم الأيمان مقام الشهود.


(١) في جميع النسخ عدا "أ" "الأربعة".
(٢) في "د": "التعانه فوجب".
(٣) في "أ": "أيمانه". وفي "د" و"هـ" و"و": "أيمانها".