للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واحتجَّ أبو محمد ابن حزم (١) لهذا القول بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "بينتك أو يمينه" (٢)، قال: ومن البينة التي لا بينة (٣) أبين منها: علم الحاكم بالمحق من المبطل.

وهذا إلى أن يكون حجة عليهم أقرب من أن يكون حجة لهم؛ فإنَّه قال: "بينتك" و"البينة" اسمٌ لما يبين الحق، بحيث يظهر المحق من المبطل (٤)، ويبين ذلك للنَّاس، وعلم الحاكم ليس ببينة.

واحتجوا (٥) أيضًا بقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ} [النساء: ١٣٥]، وليس في القسط أن يعلم الحاكم أنَّ أحد الخصمين مظلوم والآخر ظالم، ويترك كلًّا (٦) منهما على حاله.

قال الآخرون: ليس في هذا محذور، حيث لم يأتِ المظلوم بحجة يحكم له بها، فالحاكم معذور، إذ لا حجَّة معه يوصل بها صاحب الحق إلى حقِّه، وقد قال سيد الحكام صلوات الله وسلامه عليه: "إنَّكُمْ تَخْتَصِمُوْنَ إِليَّ وَلَعَلَّ بَعْضَكَم أن يكون أَلْحَنَ بحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ، فَأَحْسبُ أَنَّهُ صَادِقٌ، فَأَقْضِيَ لَهُ (٧)، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِشَيءٍ مِنْ حَقَّ أَخِيْهِ


(١) المحلَّى (٩/ ٤٢٨).
(٢) رواه البخاري رقم (٦٦٧٧) (١١/ ٥٦٦).
(٣) "بينة" ساقطة من "د" و"و".
(٤) قوله "وهذا إلى أن يكون" إلى قوله "يظهر المحق من المبطل" ساقطة من "جـ".
(٥) انظر: المحلَّى (٩/ ٤٢٩).
(٦) وفي "د": "كل واحد".
(٧) "فأحسب أنَّه صادق فأقضي له" ساقطة من "أ".