للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي "الصحيحين" (١) عن عبد الله بن رافع مولى أم سلمة عن أم سلمة قالت: "أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رَجُلَانِ يَخْتَصِمَانِ في مَوَارِيثَ لَهُمَا، لَمْ تَكُنْ لَهُمَا بَينة إِلَّا دَعْوَاهُمَا، فقال: إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ وَإِنَّكُمْ تًخْتَصِمُوْنَ إِلَيَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ (٢) بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ، فَأَقْضِيَ لَهُ بنَحْو مَا أَسْمَعُ مِنْهُ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِشَيءٍ مِنْ حَقِّ أَخِيْهِ فَلَا يأْخُذ مِنْهُ شَيْئًا (٣)، فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ".

زَادَ أبو داود في "السنن": "فبكى الرجلان، وقال كل واحد منهما: حقي لك، فقال لهما النبي - صلى الله عليه وسلم -: أَمَّا إِذْ فَعَلْتُمَا مَا فَعَلْتُمَا فَاقْتَسِمَا، وَتَوَخَّيَا الحَقَّ، ثُمَّ اسْتَهِمَا، ثُمَّ تَحَالَّا" (٤).

فهذه السنة - كما ترى - قد جاءت بالقرعة، كما جاء بها الكتاب، وفعلها أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعده.


= في التحقيق (٢/ ٣٨٦)، وابن أبي شيبة (٤/ ٣٧٦)، والطحاوي في شرح المشكل (٧/ ٢٨٥)، والدارقطني (٤/ ٢١١) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(١) تقدم تخريجه.
(٢) أي أنَّ بعضكم يكون أعرف بالحجة وأفطن لها من غيره. النهاية (٤/ ٢٤١).
(٣) "شيئًا" ساقطة من "ب".
(٤) رواه أحمد (٦/ ٣٢٠)، وأبو داود رقم (٣٥٨٤)، وإسحاق بن راهويه في مسنده (٤/ ٦١)، وابن الجارود رقم (١٠٠٠)، والطحاوي في شرح المعاني (٤/ ١٥٤)، والدارقطني (٤/ ٢٣٨)، والحاكم (٤/ ٩٥)، وابن عبد البر في التمهيد (٢٢/ ٢٢٢). وقال الحاكم: "صحيح على شرط مسلم" ووافقه الذهبي، وقال ابن الملقن: "رواه أبو داود بإسناد على شرط الصحيح" ا. هـ. تحفة المحتاج (٢/ ٥٧٦).