للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سجن بالقلعة التي به وهو في القيد. وكان نائب الكرك يومئذ الأمير حسام الدين الكجكني، فأكرم الملك الظاهر غاية الإكرام، وأنزله في مكان عند الطارمة.

وكان سبب هذه العداوة التي وقعت بين يلبغا الناصري وبين السلطان برقوق أن برقوق قبض على يلبغا الناصري وقيده وأرسله إلى السجن بثغر الاسكندرية مرتين: مرة في دولة الملك المنصور على بن الأشرف شعبان، والمرة الثانية في دولة الظاهر برقوق لما كان يلبغا نائب حلب. ثم أن برقوق أرسل مراسيم على يد الأمير تلكتمر إلى الأمير سودون المظفري بقتل يلبغا الناصري، فأطلع عليها يلبغا الناصري وجرى ما تقدم ذكره … فهذا كان سبب العداوة بين يلبغا الناصري وبين برقوق، واستمرت العداوة بينهما حتى بلغ يلبغا من برقوق مناه، وقيده ونفاه، كما تقدم.

توقع كيد من خاصمت يوما … ولا تركن إلى ود الأعادي

فإن الجرح ينكث بعد حين … إذا كان البناء على فساد

وكان توجه السلطان برقوق إلى الكرك في ليلة الخميس ثاني عشرى جمادى الآخرة سنة احدى وتسعين وسبعمائة. فلما مضى أمر الظاهر برقوق واستقر بالكرك وقع الخلف بين الأمير تمر بغا منطاش وبين الأتابكي يلبغا الناصرى، ودبت بينهما عقارب الفتن، فأظهر الأمير منطاش أنه ضعيف وانقطع في بيته أياما. فلما بلغ الأمراء ذلك توجه الأمير الطنبغا الجوباني رأس نوبة النوب ليسلم عليه، فلما دخل إلى بيته قبض عليه، وكان ذلك في يوم الاثنين سادس عشر شعبان من سنة احدى وتسعين وسبعمائة.

فلما كان وقت الظهر، والناس مقيلة في بيوتهم، ركب الأمير منطاش هو ومماليكه وهم لابسون آلة الحرب - وكانوا نحوا من أربعين مملوكا - فهجموا على باب السلسلة، وأخذوا الذي بالاسطبل السلطاني، ثم توجهوا إلى بيت أقبغا الجوهرى استادار العالية فنهبوا كل ما فيه، والتف على منطاش السواد الأعظم من الزعر والغلمان والعبيد، فهرب أقبغا الجوهري من بيته الذي على بركة الفيل.

ثم أن منطاش أرسل الأمير تنكز بغا اليلبغاوي، ومعه جماعة من المماليك، فطعلوا إلى سطح مدرسة السلطان حسن وصاروا يرمون على كل من يمشي في الرميلة أو سوق الخيل، فتسامعت به مماليك الظاهر برقوق الذين كانوا قد اختفوا، فظهروا وجاءوا إلى منطاش، وكذلك مماليك الأشرف شعبان ومماليك الأسياد. فاجتمع عند منطاش في أواخر النهار نحو خمسمائة مملوك، وكان معه أول ما ركب دون الأربعين مملوكا، فلما تسامع

<<  <  ج: ص:  >  >>